وعبارة "الروح" هنا: الفرض هنا بمعنى الشرع والتبيين، كما دل عليه {لَكُمْ}، فإن فرض بمعنى: أوجب، إنما يتعدى بعلى. والتحلة: مصدر حلل، بتضعيف العين، بمعنى التحليل، أصله: تحلة، كتكرمة، وتعلة، وتبصرة، وتذكرة، من كرم وعلل وبصر وذكر، بمعنى: التكريم والتعليل والتبصير والتذكير، إلا أن هذا المصدر من الصحيح خارج عن القياس، فإنه من المعتل اللام، نحو: سمي تسمية، أو مهموز اللام مثل: جزّأ تجزئة. والمراد: تحليل اليمين، كأن اليمين عقد والكفارة حله. انتهى.
وتحلة القسم يستعمل على وجهين:
أحدهما: تحليله بالكفارة كما في الآية.
ثانيهما: بمعنى الشيء القليل، وهذا هو الأكثر، كما جاء في الحديث:"لن يلج النار إلا تحلة القسم"؛ أي: إلا زمنًا يسيرًا.
قوله تعالى:{أَسَرَّ النَّبِيُّ} أصله: أسرر، بوزن أفعل، نقلت حركة الراء الأولى إلى السين، فسكنت فأدغمت في الثانية. والإسرار: خلاف الإعلان، ويستعمل في الأعيان والمعاني والسر هو: الحديث المكتتم في النفس، وأسررت إلى فلان حديثًا: أفضيت به في الخفية، فالإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضي إليه بالسر وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره، فإذًا قولهم: أسررت إلى فلان، يقتضي من وجه الإظهار ومن وجه الإخفاء. و {النَّبِيُّ}: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاللام للعهد. {وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ}؛ أي: وليكم وناصركم. {حَدِيثًا} قال الراغب: كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه يقال له: حديث: {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ} ضمن أظهر معنى أطلع، من ظهر فلان السطح إذا علاه، وحقيقته: صار على ظهره، وأظهره على السطح؛ أي: رفعه عليه، فاستعير للإطلاع على الشيء، وهو من باب الإفعال. قال الراغب: ظهر الشيء، أصله: أن يحصل شيء على ظهر الأرض، فلا يخفى، وبطن إذا حصل في بطنان الأرض فيخفى، ثم صار مستعملًا في كل بارز للبصر والبصيرة. {عَرَّفَ بَعْضَهُ} وبعض الشيء: جزء منه.
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} أصله: تتوبان، حذفت نون الرفع للجازم، ثم نقلت حركة