للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدون العمل بمحكماته، ولا بتلاوته بلا تدبر قراءته، ولا بمجرد دراسته، بلا تعلم حقائقه، وتفهم دقائقه، ولا وصول إلى هذه المقاصد منه، إلا بدراية تفسيره وأحكامه، ومعرفة حلاله وحرامه، وتناسق آياته، وأسباب نزوله وأقسامه، والوقوف على ناسخه ومنسوخه، والتطلّع على خاصه وعامّه، فإنه أرسخ العلوم أصلا، وأسبغها فرعا وفصلا، وأكرمها نتاجا، وأنورها سراجا، فلا شرف إلا وهو السبيل إليه، ولا خير إلا وهو الدالّ عليه، وقد قيض الله سبحانه وتعالى له رجالا موفقين، وبالحق ناطقين، وللبدع قامعين، وللسنن ناشرين، وللتفسير متقنين، حتى صنفوا في سائر علمه المصنفات، وجمعوا شوارد فنونه المتفرقات، كلّ على قدر فهمه، ومبلغ علمه فشكر الله تعالى سعيهم، ورحم أسلافهم وأخلافهم، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة من أقر بربوبيته، وصمم بوحدانيته، وصدق بكتابه، واقتدى بمحكمه، وآمن بمتشابهه، وقال بما قال الراسخون منا، آمنا به كل من عند ربنا.

وأشهد أن سيدنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم عبده ورسوله، وصفيه وخليله. أرسله رحمة للعالمين، ومبيدا للعدا والكافرين، أنزل عليه الكتاب المستبين، والفرقان المبين، نورا هدى به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة، حكم بالرضوان لمن اتبعه، وبالخسران لمن أعرض عنه بعد ما سمعه، عجز الخلائق عن معارضته، حين تحداهم على أن يأتوا بسورة من مثله.

اللهم يا ذا الجود والإنعام، ويا ذا الجلال والإكرام، صلّ وسلم أفضل الصلاة وأزكى السلام، على سيدنا ومولانا محمد من أرسلته رحمة للأنام، وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وأهل بيته السادات الكرام، صلاة وسلاما أرقى بهما مراقي الإخلاص،

وأنال بهما غاية الخلاص، دائمين بدوامك، باقيين ببقائك، عدد ما أحاط به علمك، وجرى به قلمك.

أما بعد: فإن علم التفسير، لما كان أعظم العلوم مقدارا، وأرفعها شرفا ومنارا، ورئيس العلوم الدينية ورأسها، ومبنى قواعد الشرع وأساسها، عالي القصور والبنيان، وسيع الرحب والميدان، طالما رغبت في الدخول من أبوابه،