بالنصارى، والعياذ بالله من ذلك. فالدين يأمر باتحاد كل قوم، تضمهم أرض واحدة، وإن اختلفت أديانهم وأجناسهم، ويأمر بالاعتصام بحبل الله المتين بين جميع الأقوام.
{وَاذْكُرُوا}؛ أي: تذكروا يا معشر الأوس والخزرج {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أي: إنعامه سبحانه وتعالى عليكم نعمة دنيوية، وأخروية التي من جملتها: الهداية والتوفيق للإسلام المؤدي إلى التآلف، وزوال الغل {إِذْ كُنْتُمْ}: ظرف لقوله: {نِعْمَتَ اللَّهِ} أي: اذكروا إنعامه عليكم إذ كنتم في الجاهلية {أَعْدَاءً} متقاتلين يبغض بعضكم بعضًا ويحارب بعضكم بعضًا {فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} بالإِسلام؛ أي: قذف الله تعالى فيها المحبة بتوفيقكم للإسلام {فَأَصْبَحْتُمْ} وصرتم {بِنِعْمَتِهِ} بسبب إنعامه عليكم بنعمة الإِسلام {إِخْوَانًا} في الدين: أي: متحابين مجتمعين على الأخوة في الله سبحانه وتعالى، وقيل: كان الأوس والخزرج أخوين لأبوين، فوقع بين أولادهما العداوة، وتطاولت الحروب بينهم مائة وعشرين سنة، حتى أطفأها الله بالإِسلام، وألف بينهم برسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: الخطاب على العموم، والمعنى حينئذٍ؛ واذكروا أيها المؤمنون النعمة التي أنعم الله عليكم بها حين كنتم أعداءً يقتل بعضكم بعضًا، ويأكل قويكم ضعيفكم، فجاء الإِسلام، فألف بينكم وجمع جمعكم، وجعلكم إخوانًا، حتى قاسم الأنصار المهاجرين أموالهم، وديارهم، وكان بعضهم يؤثر غيره على نفسه، وهو في خصاصة وحاجة إليه، وأطفأ الحروب التي تطاولت بين الأوس والخزرج مائة وعشرين سنة وأنقذهم مما هو أدهى وأمر، وهو عذاب الآخرة. {وَكُنْتُمْ} يا معشر الأوس والخزرج {عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ}؛ أي: على طرف وهدة {مِنَ النَّارِ} الأخروية مثل شفا البئر؛ أي: وكنتم قريبين من الوقوع في النار بسبب كفركم، ليس بينكم، وبين الوقوع فيها إلا أن تموتوا على كفركم {فَأَنْقَذَكُمْ}؛ أي: فأنجاكم {مِنْهَا}؛ أي: من تلك الحفرة أو النار، بأن هداكم للإسلام.
والخلاصة: أي وكنتم بوثنيتكم وشرككم بالله كأنكم على طرف حفرة، يوشك أن ينهار، ويسقط بكم في النار، فليس بين الشرك، والهلاك في النار إلا