للمسلمين، وتهددوهم، فكان لا بد من الاستعداد للدفع وقد صار النبي - صلى الله عليه وسلم - داعية للدين ورئيسًا لحكومة المدينة وقائدًا لجيشها.
هذا، وقد أدى دفاع المسلمين عن أنفسهم إلى سلسلة من الغزوات؛ بها انتشر الإِسلام بسرعة لم تعهد في التاريخ, وقد اشترك النبي - صلى الله عليه وسلم - في تسع منها أشهرها.
وقعة بدر
كانت قريش ترى أن محمدًا وأصحابه شرذمة من الثوار يجب أن تقتل، ولا سيما بعد أن صارت لهم القوة في المدينة، وهي على طريق التجارة إلى الشام، فجد المسلمون في مهاجمة قوافل مكة، ونالوا أول انتصارٍ لهم في السنة الثانية من الهجرة في غزوة بدر بئر بين مكة والمدينة كانت لرجل يسمى بدرًا، فسميت باسمه، وكانت هذه الوقعة نصرًا مؤزرًا للمسلمين، وكارثة كبرى على المشركين، وكان لها دوي عظيم في أرجاء البلاد العربية من أقصاها إلى أقصاها.
وقعة أحد
أحدٌ: جبل على نحو ميل من المدينة إلى الشمال. سمي أحدًا لتوحده عن الجبال. ولما خذل المشركون في وقعة بدر، ورجع ففُهم إلى مكة مقهورين أخذ أبو سفيان يؤلب المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان هو الرئيس بعد مقتل من قتل من صناديد قريش، فاجتمعوا للحرب، وكانوا نحو ثلاثة آلاف، فيهم سبع مئة دارع، ومعهم مئتا فرس، وقائدهم: أبو سفيان بن حرب، ومعه زوجه هند بنت عتبة، وكانت جملة النساء اللاتي معهم خمس عشرة امرأة، ومعهن الدفوف يضربن بها، ويبكين على قتلى بدر، ويحرضن المشركين على حرب المسلمين، وساروا من مكة حتى نزلوا مقابل المدينة في شوال سنة ثلاث من الهجرة. وكان رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المقام في المدينة، وقتالهم بها، ورأى باقي الصحابة الخروج لقتالهم، فخرج في ألف من الصحابة إلى أن صار بين المدينة وأحدٍ، فانخذل عنه عبد الله بن أبي بن سلول في ثلث الناس ونزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الشعب من أحد،