للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النهاية لابن الأثير: أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي؛ أي: التزم وأقر. {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} فطوعت؛ أي: فشجعت وزينت. قرأ الجمهور (١): طوعت بتشديد الواو، ويقرأ شاذًّا: {طَوَّعَتْ} بوزن فاعل بالألف والتخفيف كما مر، وهما لغتان، والمعنى زينت، وقال: (طاوعت) تتعدى بغير لام، وهذا خطأ؛ لأن التي تتعدى بغير اللام تتعدى إلى مفعول واحد، وقد عداه ها هنا إلى قتل أخيه، وقيل: التقدير: طاوعته نفسه على قتل أخيه، فزاد اللام وحذف على، ذكره أبو البقاء.

{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا} الغراب (٢) طائر معروف، ويجمع في القلة على أغربة، وفي الكثرة على غربان وغراب اسم جنس، وأسماء الأجناس إذا وقعت على مسمياتها من غير أن تكون منقولة من شيء .. فإن وجد فيها ما يمكن اشتقاقه حمل على أنَّه مشتق، إلا أن ذلك قليل جدًّا، بل الأكثر أن تكون غير مشتقة نحو: تراب وحجر وماء، ويمكن أن يكون غراب مأخوذًا من الاغتراب، فإن العرب تتشاءم به، وتزعم أنَّه دال على الفراق {يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} البحث في الأرض .. نبش التراب وإثارته. {لِيُرِيَهُ} من أرى الرباعي التي هي مزيد رأى به. معنى: عرف المتعدية لواحد، فتتعدى بالهمزة لاثنين: الأول: الضمير البارز، والثاني: جملة كيف {يُوَارِي} يقال: وارى الشيء يواري مواراة، من باب فاعل إذا أخفاه، والسوأة ما يسوء ظهوره، والعورة والسوأة يجوز تخفيف همزتها بإلقاء حركتها على الواو، فتبقى سوأة أخيه، ولا تقلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن حركتها عارضة، ذكره أبو البقاء. {وَيْلَتَا} الويل حلول الشر، والويلة: الفضيحة والبلية والهلكة؛ أي: وافضيحتاه، وهي كلمة جزع وتحسر، والألف فيه بدل من ياء المتكلم {أَعَجَزْتُ} من باب فعل المفتوح، وهي اللغة الفاشية، وحكى الكسائي فيه: فعل بكسر العين والعجز: عدم الإطاقة {مِنَ النَّادِمِينَ} من الندم: وهو التحسر والتلهف، يقال: ندم يندم، من باب فرح إذا تحسر.


(١) العكبري.
(٢) البحر المحيط.