للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{لَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء المنافقين واليهود {خِزْيٌ}؛ أي: ذل بالفضيحة للمنافقين، وبظهور نفاقهم بين المسلمين، وخوفهم من قتل المسلمين إياهم، وبالجزية والافتضاح لليهود بظهور كذبهم في كتمان التوراة {وَلَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء المنافقين واليهود {عَذَابٌ عَظِيمٌ}؛ أي: شديد، وهو الخلود في النار، وصفه بالعظم لتزايده فلا انقضاء له، أو لتزايد ألمه، أو لهما؛ أي: فخزي المنافقين في الدنيا هتك أستارهم بإطلاع الرسول على كذبهم، وخوفهم من القتل، وخزي اليهود فضيحتهم بظهور كذبهم في كتمان نصوص كتابهم في إيجاب الرجم، وعلو الحق على باطلهم، وقد صدق الوعيد على كل يهود الحجاز، كما يصدق على كل من يفسدون كفسادهم، ولا يغني عنهم الانتساب إلى نبي لم يتبعوه، ولا تنفعهم دعوى الإيمان بكل نبي لم يتبعوه، وعذابهم في الآخرة نجزم بحصوله، ولا نعلم مقدار كنهه، وحقيقة أمره.

قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} كرره (١) تأكيدًا لقبحه، وليكون كالمقدمة لما بعده وهو: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} وهو من أخبار ذلك المبتدأ المقدر سابقًا؛ أي: سماعون للكذب الذي كانوا ينسبونه إلى التوراة {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}؛ أي: الحرام الذي (٢) يصل إليهم من الرشوة في الحكم، ومهر البغي، وعسيب الفحل، وثمن الدم، وثمن الكلب، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وحلوان الكاهن، وأجرة النائحة والمغنية، وأجرة مصور التماثيل، وثمن النرد وآلات اللهو، وثمن الصور الحيوانية إلى غير ذلك من أنواع المحرمات، روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وأبي هريرة ومجاهد.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب (٣): {السُّحُتِ} بضمتين. وقرأ باقي العشرة بإسكان الحاء، وزيد بن علي وخارجة بن مصعب، عن نافع بفتح


(١) الشوكاني.
(٢) المراح.
(٣) البحر المحيط.