المخلوقات إلى يقوم القيامة فشرعتكم القرآن ليس إلا، فآمنوا به آمنوا بما فيه، فالشرعة وكذا الشريعة: الأحكام المشروعة الي شرعها الله تعالى لعباده ليتعبدوا بهما ربهم، والمنهاج: الطريق الواضح الذي يؤدي إلى الشريعة، وقيل: الشرعة الأحكام المشروعة في العبادات والمعاملات من الأركان والشروط وغيرها، والمنهاج الفرائض والسنن والمعاملة التي لها أحكام مشروعة وشرائط مخصوصة، وقيل: هما بمعنى، والتكرار للتأكيد، والمراد بهما الدين. وقال قتادة: شرعة ومنهاجًا؛ أي: سبيلًا وسنة، فالسنن مختلفة للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة يحل الله عَزَّ وَجَلَّ فيها ويحرم ما يشاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، والدين الذي لا يقبل غيره هو التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به جميع الرسل عليهم السلام. وروي عن قتادة أنَّه قال: الدين واحد الشريعة مختلفة. قال علي بن أبي طالب: الإيمان منذ بعث آدم عليه السلام: شهادة أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى، ولكل قوم شريعة ومنهاج. انتهى. وقرأ النخعي وابن وثاب:{شرعة} بفتح الشين.
فائدة: قال العلماء (١): وردت آيات دالة على عدم التباين بين طرق الأنبياء، منها قوله:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} إلى قوله: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} ومنها قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ووردت آيات دالة على حصول التباين بينها، منها هذه الآية وهي قوله:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} وطريق الجمع بين هذه الآيات: أن كل آية دلت على عدم التباين، فهي محمولة على أصول الدين من الإيمان باللهِ، وملائكه، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فكل ذلك جاءت به الرسل من عند الله، فلم يختلفوا فيه، وأما الآيات الدالة على حصول التباين بينها .. فمحمولة على الفروع وما يتعلق بظواهر العبادات، فجائز أن يتعبد الله عباده في كل وقت بما شاء، فهذا هو طريق الجمع بين الآيات، والله أعلم بأسرار كتابه.