{أَنَّ} في تأويل مصدر منصوب على المفعولية تقديره: كتبنا عليهم قتل النفس بالنفس أو أخذ النفس بالنفس {وَالْعَيْنَ} بالنصب معطوف على {النَّفْسَ} كونه اسم {أَنَّ}{بِالْعَيْنِ}: جار ومجرور بمحذوف خبر {أَنَّ} تقديره: وأن العين مفقوءة بالعين وكذلك قوله: {وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} المنصوب منها معطوف على اسم {أَنَّ} وخبر أن في كلها المجرور منها. {قِصَاصٌ} خبر لـ {وَالْجُرُوحَ}؛ أي: وأن الجروح قصاص؛ لكنه على حذف مضاف إما من الأول تقديره: وأن حكم الجروح قصاص، وإما من الثاني تقديره: وأن الجروح ذات قصاص، وهذا على قراءة نافع وحمزة وعاصم بنصب المعاطيف كلها، على التشريك في عمل {أَن} النصب، وخبر {أَن} هو المجرور منها، وخبر {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، فيكون من عطف المفردات، عطفنا الاسم على الاسم والخبر على الخبر، كقولك: إن زيدًا قائم وعمرًا منطلق، عطفت عمرًا على زيد، ومنطلقًا على قائم.
أما قراءة (١) الكسائي برفع {والعين} وما بعدها .. فوجهها أبو علي الفارسي بوجهين:
أحدهما: أنْ تكون (الواو): عاطفة جملة اسمية على جملة فعلية، فتعطف الجمل كما تعطف المفردات، بمعنى أن قوله:{وَالْعَيْنَ}: مبتدأ و {بِالْعَيْنِ}: خبره، وكذا ما بعده، والجملة الإسمية معطوفة على الجملة الفعلية من قوله:{وَكَتَبْنَا} وعلى هذا فيكون ذلك ابتداء تشريع وبيان حكم جديد غير مندرج فيما كتب في التوراة، (فالواو) ليست مشركة للجملة مع ما قبلها، لا في اللفظ ولا في المعنى.
الوجه الثاني: من توجيهي الفارسي: أن تكون (الواو) عاطفة جملة إسمية على الجملة من قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} لكن من حيث المعنى لا من حيث اللفظ.
وأما قراءة أبي عمرو وابن كثير وابن عامر بالنصب فيا عدا {الْجُرُوحَ}.