أنه أريد بالبين: الوصل؛ أي: لقد تقطع وصلكم، قاله أبو الفتح والزهراوي والمهدوي. فالبين: اسم يستعمل للوصل والفراق، فهو مشترك بينهما، كالجون للأسود والأبيض.
وقرأ نافع والكسائي وحفص:{بَيْنَكُمْ} بفتح النون، وخرجه الأخفش على أنه فاعل، ولكنه مبني على الفتح حملًا على أكثر أحوال هذا الظرف، وقد يقال: لإضافته إلى مبني كقوله: {ومِنَّادُونَ ذلك} وخرجه غيره على أنه منصوب على الظرف، وفاعل {تَقَطَّعَ} التقطع. وقرأ عبد الله ومجاهد والأعمش:{ما بينكم}، والمعنى: تلف وذهب ما بينكم وبين ما كنتم تزعمون، على إسناد الفعل إلى الذي بينكم.
فصل في ذكر الأحاديث المناسبة للآية
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموعظة، فقال:"أيها الناس، إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلًا. {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} " متفق عليه.
وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"يحشر الناس حفاة عراة غرلًا" قالت عائشة: فقلت: الرجال والنساء جميعًا، ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال:"الأمر أشد من أن يهمهم ذلك". متفق عليه.
وروى الطبري بسنده عن عائشة: أنها قرأت قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، فقالت: يا رسول الله، واسوأتاه! إن الرجال والنساء يحشرون جميعًا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه، لا ينظر الرجال إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض".