للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتحريم الذي لا يكون إلا لله هو تحريم التشريع إما المنع من بعض هذا الثمر لسبب غير ذلك، فلا شرك، فإذا منع الطبيب بعض المرضى من أكل الثمر أو الخبز مثلا؛ لأنه يضره يكون منعا شرعيا أو تحريما، لا على معنى أن الطبيب هو الذي شرع ذلك، بل الله هو الذي حرم كل ضار، والطبيب هو الذي عرّف المريض ضرره.

وكذلك منع السلطان من صيد بعض الطيور لمصلحة عامة كالحاجة إلى كثرته لحفظ بعض الزروع؛ لأنه يأكل الحشرات المهلكة مثلا لا يكون تحريما ذاتيا، بل تحريما ما دام السبب، والسلطان هو المكلف شرعا بصيانة المصالح ودرء المفاسد، وليس له أن يحرم بمحض إرادته، وإذا هو أخطأ في اجتهاده .. وجب على الأمة الإنكار عليه، ووجب عليه أن يرجع إلى الحق.

وفائدة قوله (١): {إِذا أَثْمَرَ} بيان أن أول وقت الإباحة الأكل هو وقت الإثمار، وليس بلازم أن يدرك ويينع، فالكرم ينتفع بثمره حصرما فعنبا فزبيبا، والنخل يؤكل ثمره بسرا فرطبا فتمرا، والقمح يطحن ويؤكل خبزا، أو يطبخ، أو يعمل حلوى على أشكال شتى.

{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ}؛ أي (٢): وآتوا الحق المعلوم فيما ذكر من الزرع وغيره لمستحقيه من ذوي القربى واليتامى والمساكين زمن حصاده وجذاذه وقطعه جملة، ويدخل في الحصاد جني العنب وصرم النخل.

وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (٣): {حَصادِهِ}؛ أي: يوم جذاذه وقطعه - بفتح الحاء - وهي لغة أهل نجد وتميم، وقرأ باقي السبعة بكسرها، وهي لغة أهل الحجاز. ذكره الفراء؛ أي (٤): اعزموا على إيتاء الزكاة لكل من الزروع والثمار يوم الحصاد، ولا تؤخروه عن أول وقت يمكن فيه الإيتاء. وإنما يجب إخراج الزكاة بعد التصفية والجفاف، والأمر بإيتائها يوم


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.
(٤) المراح.