الإيمان، بهدم أساسه، وهو التوحيد، إذ قد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، يشرعون لهم العبادات، ويحرمون ويحللون، فيتبعونهم، وبذا أشركوهم في الربوبية، ومنهم من أشرك به في الألوهية، كالذين قالوا: عزير ابن الله، والذين قالوا: المسيح ابن الله، أو هو الله.
٢ - أنهم {لا} يؤمنون {بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إذ هم يقولون: إن حياة الآخرة حياة روحانية محضة، يكون الناس فيها كالملائكة، لكنا نؤمن بأن الإنسان لا تنقلب حقيقته، بل يبقى مؤلفًا من جسد وروح، ويتمتع بنعيم الأرواح والأجساد، ولا يوجد فيما بين يدي اليهود والنصارى من التوراة نصوص صريحة في البعث والجزاء بعد الموت، بل فيها إشارات غير صريحة في ذلك.
٣ - أنهم {لَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} فاليهود لا يحرمون ما حرم في شرعهم الذي جاء به موسى، ونسخ بعضه عيسى، ولا يلتزمون العمل بما حرم، فقد استحلوا أكل أموال الناس بالباطل، كالربا وغيره، واتبعوا عادات المشركين في القتال والنفي، ومفاداة الأسرى، والنصارى استباحوا ما حرم عليهم في التوراة مما لم ينسخه الإنجيل، فأباحوا جميع محرمات الطعام والشراب، إلا ما ذبح للأصنام، فقد ثبت في كتبهم أن الله حرم عليهم الشحوم فأذابوها وباعوها، وأكلوا أثمانها، وحرم عليهم أشياء كثيرة فأحلوها.
٤ - أنهم {لا يدينون دين الحق} إذ أن ما يتقلدونه إنما هو دين تقليدي، وضعه لهم أساقفتهم وأحبارهم بآرائهم الاجتهادية، وأهوائهم المذهبية، لا دين الحق الذي أوحاه الله تعالى إلى موسى وعيسى عليهما السلام.
والخلاصة: قاتلوا أيها المؤمنون من وصفوا بتلك الصفات الأربعة إذا وجد منهم ما يقتضي القتال، كالاعتداء عليكم، أو على بلادكم، أو اضطهادكم وفتنتكم عن دينكم، أو تهديد أمنكم وسلامتكم، كما فعل بكم الروم وكان ذلك سببًا لغزوة تبوك؛ أي: قاتلوهم إلى أن تأمنوا عدوانهم، بإعطائكم الجزية، بشرط أن تكون صادرة عن يد؛ أي: من قدرة واسعة فلا يظلموا ولا يرهقوا، وبشرط أن يخضعوا لسيادتكم وحكمكم، وبذا يسهل السبيل لاهتدائهم إلى الإسلام بما