الإفراد؛ لأنه واجب على المستطيع فحسب، ويدخل في ذلك جميع وجوه الخير، من تكفين الموتى، وبناء الجسور، والحصون، وعمارة المساجد، ونحو ذلك.
والصنف الثامن: ما ذكره بقوله: {و} مصروفةٌ في معونة {ابن السبيل} والسبيل الطريق، ونسب إليها المسافر لملازمته إياها، وهو المنقطع عن بلده في سفر غير المعصية، لا يتيسَّر له فيه شيء من ماله، إن كان له مال، فهو غنيٌّ في بلده، فقير في سفره، فيعطى لفقره العارض ما يستعين به على العودة إلى بلده، وفي ذلك عناية بالسياحة، وتشجيع عليها، على شرط أن يكون سفره في غير معصية، ويكون هذا من أسباب التعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، وسهولة طرق الوصول في العصر الحاضر، ونقل الأخبار في المؤمن القليل، جعلت نقل المال من بلد إلى آخر ميسورًا بلا كلفة، فيسهل على الغني في بلده أن يجلب ماله في أي وقتٍ أراد وإلى أي مكان طلب، فلا يعطى حينئذٍ من الصدقات، والله أعلم.
وقوله:{فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} سبحانه وتعالى مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة؛ لأن معنى قوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} فرض الله سبحانه وتعالى، صرف الصدقات لهؤلاء الأصناف المذكورة، فريضةً كائنةً منه؛ أي: محتمةٌ عنده.
والمعنى: أن كون الصدقات مقصورة على هذه الأصناف، هو حكم لازم، فرضه الله على عباده، ونهاهم عن مجاوزته، أو حال من الضمير المستكن في الخبر، والتقدير: إنما الصدقات مصروفةٌ هي لهؤلاء الأصناف المذكورة حالة كونها فريضةً من الله سبحانه وتعالى، وقرىء:{فريضة} بالرفع على معنى: تلك الصدقات فريضة من الله تعالى، يعني: أنَّ هذه الأحكام التي ذكرها في هذه الآية فريضةٌ واجبةٌ من الله تعالى، ويجوز قطعه إلى النصب؛ أي: فرض الله هذه الأشياء فريضةً.
{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلِيمٌ} بمصالح عباده، وبأحوالهم وبحوائجهم، {حَكِيمٌ} فيما شرعه ودبَّره لهم، تطهيرًا لأنفسهم وتزكية لها، وشكرًا لخالقهم على ما أنعم به عليهم، كما قال {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَةِرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} لا