هم الذين يراد استمالة قلوبهم إلى الإسلام، أو التثبيت فيه، {وَفِي الرِّقَابِ}؛ أي: وللإنفاق في إعانة الأرقاء لفكاكهم من الرق {وَالْغَارِمِينَ}؛ أي: الذين عليهم غرامة من المال تعذر عليهم أدائها، من الغرم، وأصله لزوم شيء شاق، ومنه قيل للعشق: غرام، ويعبر به عن الهلاك، في قوله تعالى:{إنَّ عَذَابَهَا كانَ غَرَامًا} وغرامة المال فيها مشقة عظيمة اهـ "سمين"{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: وفي الطريق الموصل إلى مرضاة الله ومثوبته، والمراد بهم كل من سعى في طاعة الله وسبل الخيرات، كالغزاة، والحجاج الذين انقطعت بهم السبل، ولا مورد لهم من المال، وطلبة العلم، والفقراء {وَابْنِ السَّبِيلِ}: هو المسافر الذي بعد عن بلده، ولا يتيسر له إحضار شيء من ماله، فهو غني في بلده فقير في سفره {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}؛ أي فرض الله ذلك فريضة، ليس لأحد فيها رأي، والله أعلم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} شبه سرعة إفسادهم لذات البين بسرعة سير الركائب المسماة بالإيضاع، وهو إسراع سير البعير، ثم استعير لسرعة الإفساد لفظ الإيضاع، ثم اشتق منه أوضعوا، بمعنى: أسرعوا على طريقة الاستعارة التصريحية التبعية، وأصل الاستعارة: ولأوضعوا ركائب نمائمهم خلالكم، ثم حذف النمائم، وأقيم المضاف إليه مقامها، لدلالة سياق الكلام على أن المراد النميمة، ثم حذف الركائب. قاله الطيبي. اهـ زكريا.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} حيث شبه وقوعهم في جهنم بإحاطة العدو بالجند، أو السوار بالمعصم.
ومنها: جمع المؤكدات في هذه الجملة إنَّ واللام واسمية الجملة للدلالة على الثبات والدوام.
ومنها: ما يسمى بالمقابلة، التي هي من المحسنات البديعية في قوله:{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ ...} الآية، وفي قوله: {قُل هَل