ونصف الشيء المنشق منه، وهما بمعنى المعاداة، من العدوة بالضم: وهي جانب الوادي؛ لأن العدو يكون في غاية البعد عمن يعاديه عداء البغض، بحيث لا يتزاوران ولا يتعاونان، فكأنَّ كلا منهما في شق وعدوة غير التي فيها الآخر، إذ هما على طرفي بنقيض، وهكذا المنافقون يكونون في الجانب المقابل للجانب الذي يحب الله لعباده، والرسول لأمته من الحق والخير، والعمل الصالح.
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ} الحذر: الإحتراز والتحفظ مما يخشى ويخاف منه، {مُخْرِجٌ}: من الإخراج والإخراج: إظهار الشيء الخفي المستتر، كإخراج الحب والنبات أو الأرض {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ} والخوض: الدخول في البحر، أو في الوحل، وكثر استعماله في الباطل، لما فيه من التعرض للأخطار {لَا تَعْتَذِرُوا} والاعتذار الإدلاء بالعذر، وهو ما يراد به محو أثر الذنب وترك المؤاخذة عليه، أو عذر الصبي يعذره؛ في: ختنه تطهيرًا له، بقطع عذرته؛ في: قلفته، وفي "الفتوحات" والاعتذار: التنصل أو الذنب، وأصله أو تعذرت المنازل؛ أي: درست وانمحت آثارها، فالمعتذر يزاول أبو ذنبه، وقيل: أصله أو العذر، وهو القطع، ومنه العذرة؛ لأنها تقطع، قال ابن الأعرابي: ويقولون اعتذرت المياه؛ أي: انقطعت، فكأن المعتذر يحاول قطع الذم عنه، اهـ "سمين"{عَنْ طَائِفَةٍ} والطائفة: الجماعة أو الناس، والقطعة أو الشيء، يقال: ذهبت طائفة من الليل، ومن العمر، وأعطاه طائفةً من ماله.
{وَعَدَ اللهُ المُنَافِقِينَ} يقال: وعده في الخير والشر، والاختلاف إنما هو بالمصدر، فمصدر الأول: وعد، ومصدر الثاني: وعيد فاستعمل وعد في الشر، كما هنا، وفي الخير، فيما سيأتي في قوله:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ ....} إلخ وفي "المصباح" وعده وعدًا يستعمل في الخير والشر، ويعدى بنفسه وبالباء، فيقال: وعده الخير وبالخير، وشرًّا وبالشر، وإذا أسقطوا لفظ الخير والشر .. قالوا في الخير: وعده وعدًا، وعدةً، وفي الشر وعده وعيدًا، فالمصدر فارق، وأوعده خيرًا وشرًّا بالألف أيضًا، وقد أدخلوا الباء مع الألف في الشر خاصة، يقال: أوعده بالسجن اهـ.