للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَجَرَتْ على ذلك، وكثُرَتْ حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا، فلذلك يجاب عنها باللام، كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: لا جرم لآتينك. اهـ "مختار". وقد مر البحث عن {لَا جَرَمَ} في مبحثِ التفسير، وفي مبحثِ الإعراب، فلا حاجةَ إلى إطالة المبحث عنه هنا.

{وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} والإخبات في اللُّغة هو: الخشوعُ، والخضوع، وطمأنينة القلب، ولفظُ الإخبات يتعدَّى بإلى وباللام، فإذا قُلْتَ: أخْبَت فلان إلى كذا، فمعناه اطمأنَّ إليه، وإذا قلتَ: أخْبَتَ له فمعناه: خَشَعَ، وخضع له، {وَأَخْبَتُوا} بمعنى: خشعوا، وخضعوا، وأصْلُه من الخبت، وهو الأرضُ المطمئنة {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ}، و {الأعمى} هو من قام به العَمَى، والعَمى بفتحتين ذهابُ البصر، خِلْقةً أوْ لاَ يقال: عَمِيَ من باب صَدِي فهو أعمى، وقوم عُمْيٌ {وَالْأَصَمِّ} هو من قام به الصمم، والصمم ذَهابُ السمع خِلقة أَوْ لا، يقال: أصمّه الله فصم يصم بالفتح صممًا، وأصمَّ أيضًا بمعنى صَمَّ؛ أي: حَصَلَ له الصممُ، ورَجب شهر الله الأصمُّ، قال الخليل: إنما سمى بذلك؛ لأنه كان لا يسمع فيه صوت مستغيث، ولا حركة قتال، ولا قعقعةُ سِلاح, لأنه من الأشهر الحُرُم. اهـ "مختار".

{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} فيه إدغامُ التاء الثانية في الأصل، في الذال على قراءة التشديد، وقرىء في السبعة: تذكرون بتخفيف الذال وتشديد الكاف بحذف إحدى التائين على حدِّ قول ابن مالك - وما بتاءين ابتدى قَدْ يُقْتَصَرُ - إلخ.

{فَقَالَ الْمَلَأُ} الملأُ: الأشرافُ، والرؤساءُ، والزعماء {هُمْ أَرَاذِلُنَا}، وفي "السمين": الأراذل فيه وجهان:

أحدهما: أنه جمع الجمع، فهو جمع أرذل بضم الذال، جمع رذل، بسكونها مثل أكالب، وأكلب، وكلب.

ثانيهما: أنه جمع مفرد، فالأراذل جمع الأرذل، كأكابر وأكبر، وأساود وأسود، وأباطح وأبطح، وأبارق وأبرق، وجمع على هذه الزنة، وإن كان وصفًا؛ لأنه غلبت عليه الاسمية، فصارَ كالأسماء، ومعنى غَلَبَتِهِ أنّه لا يكاد يذكر الموصوف معه، وهو مثل الأبطَح، والأبرق. ذَكَره أبو البقاء، والأرذل: الخسيس