{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} السري، بالضم، والإسراء في الليل كالسير في النهار. {بِأَهْلِكَ} وهم بنتاه فلم يخرج من القرية إلا هو وبنتاه فقط. والقطع من الليل الطائفة منه، والقطع هنا: نصف الليل؛ لأنه قطعة منه مساوية لباقيه.
والسِّجِّيلُ الطين المتحجّر كما جاء في الآية الأخرى.
{حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} قال الراغبُ: هو حجر وطين مختلط، أصله فارسي فعرب. {مَنْضُودٍ} صفة لـ {سِجِّيلٍ} أي وضع بعضه على بعض، وأُعِدَّ لعذابهم. والنضد جعل الشيء بعضه فوق بعض، ومنه: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)} أي متراكب، والمرادُ: وصف الحجارة بالكثرة. {مُسَوَّمَةً}؛ أي: لها سومة بالضم، أي علامة خاصَّة من التسويم، وهو العلامة. وفي "البيضاوي": مُسَوَّمة؛ أي: عليها اسم من يُرْمَى بها. وقيل: مُعَلَّمَة للعذاب. وقيل: مُعَلَّمة ببياض، أو حمرة، أو بسيما تتميز بها عن حجارة الأرض. {عِنْدَ رَبِّكَ}؛ أَي: في علم ربك. {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} و (نقص) يتعدى لاثنين إلى أولهما بنفسه، وإلى ثانيهما بحرف الجر، وقد يحذف تقول: نقصت زيدًا حقه، ومن حقه، وهو هنا كذلك إذ المراد، ولا تنقصوا الناسَ من المكيال والميزان. ويجوز أن يكونَ متعديًا لواحد على معنَى لا تَقَالُّوا، وتطففوا، ويجوز أن يكونَ مفعولًا أول، والثاني: محذوف، وفي ذلك مبالغة، والتقديرُ: ولا تنقصوا المكيالَ والميزانَ حَقَّهما الذي وجب لهما، وهو أبلغ في الأمر بوفائهما، اهـ "سمين". والمكيال، والميزان: الآلة التي يوزن، أو يكال بهما، {وَلَا تَعْثَوْا} مِنْ عَثِيَ كفرح، فمصدره عِثي كعصي، وهو القياسي أو عثو كسمو، وهو سماعيٌّ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: {خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ} وفي قوله: {لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ}.
ومنها: نداء غير العاقل في قوله: {يَا وَيْلَتَى} تنزيلًا لها منزلةَ العاقل.