للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحجر إذا حككته، وما يخرج بين الحجرين يقال له السنانة والسنين ويكون منتنًا، ومنه قول عبد الرحمن بن حسان:

ثُمَّ حَاصَرْتُهَا إلى الْقُبَّةِ الْحَمْـ ... ـرَاءِ تَمْشِيْ في مَرْمَرٍ مَسْنُوْنِ

أي: محكوك، ويقال: أسن الماء إذا تغير ومنه قوله: {لَمْ يَتَسَنَّهْ}، وقوله: {مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، وكلا الاشتقاقين يدل على التغير؛ لأن ما يخرج بين الحجرين لا يكون إلا منتنًا، وقال أبو عبيدة: المسنون المصبوب، وهو من قول العرب سننت الماء على الوجه إذا صببته، والسن الصب، وقال سيبويه: المسنون المصور، مأخوذ من سنة الوجه وهي صورته، ومنه قول ذي الرمة:

تُرِيْكَ سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ ولا نَدَبُ

وقال الأخفش: المسنون المنصوب القائم، من قولهم وجه مسنون إذا كان فيه طولٌ، والحاصل على هذه الأقوال أن التراب لما بل صار طينًا، فلما أنتن .. صار حمأ مسنونًا، فلما يبس .. صار صلصالًا، فأصل الصلصال هو الحمأ المسنون، ولهذا وصف بهما.

{وَالْجَانَّ}؛ أي: هذا (١) الجنس، كما أن الإنسان يراد به ذلك، فإذا أريد بالإنسان آدم .. أريد بالجان أبو الجن، وإبليس أبو الشيطان، وهما نوعان يجمعهما وصف الاستتار عنا، وسمي جانًّا لتواريه عن الأعين، يقال جن الشيء إذا ستره، فالجان يستر نفسه عن أعين بني آدم.

{مِنْ نَارِ السَّمُومِ} السموم الحرٌّ المفرط (٢) من نار أو شمس أو ريح، يدخل في المسام فيقتل، والمسام هي ثقب البدن، جمع سمٍّ بكسر السين على غير قياس، كمحاسن جمع حسنٍ، فهو من إضافة الموصوف إلى صفته؛ أي: من نار ذات سموم؛ أي: صاحبة حرارة شديدة قاتلة.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.