لذات الدنيا، فإن أصابته محنة أو بلاءٌ .. استعظم أمره، وعظمت أحزانه، وكثر غمه وكدره، وإذا فاته شيء من خيراتها .. عبس وبسر، وامتلأ قلبه أسى وحسرةً، لأنه يظن أن السعادة كل السعادة في الحصول على زخرف هذه الحياة والتمتع بمتاعها، فإذا هو لم ينل منه ما يريد .. فقد حرم كل ما يحلم به ويقدِّره من وافر السعادة وعظيم الخير، والإنسان بطبعه جزوعٌ هلوع منوعٌ {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢)}.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو فيقول:"اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير".
وأخرج الترمذي والنسائي من حديث فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"قد أفلح من هدي إلى الإِسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به".
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه"، والله سبحانه وتعالى أعلم.
{وَاللَّهُ}: مبتدأ، {جَعَلَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {الله}، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة {لَكُمْ} جار ومجرور متعلق بـ {جَعَلَ}، {مِنْ بُيُوتِكُمْ}: جار ومجرور متعلق به أيضًا، وهو في محل المفعول الثاني، أو حال من {سَكَنًا}؛ لأنه صفة نكرةٍ قدمت عليه {سَكَنًا}: مفعول أول وفي "الفتوحات": قوله {سَكَنًا} يجوز (١) أن يكون مفعولًا أول على أن الجعل بمعنى التصيير، والمفعول الثاني أحد الجارين قبله، ويجوز أن يكون الجعل بمعنى الخلق فيتعدى لواحد انتهى، {وَجَعَلَ}: فعل ماض