للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَا تَكُ} أصله ولا تكن، حذفت النون تخفيفًا لكثرة استعماله، بخلاف لم يصن، ولم يخن ونحوهما، ومعنى كثرة الاستعمال أنهم يعبرون بكان ويكون عن كل الأفعال، فيقولون: كان زيدٌ يقول، وكان زيد يجلس، فإن وصلت بساكنٍ ردت النون وتحركت نحو: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ} و {أمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية.

{وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ} والضيق بفتح الضاد وكسرها: الغم وانقباض الصدر، وفي "المصباح": ضاق الشيء ضيقًا، من باب سار، والاسم الضيق بالكسر، وهو خلاف اتسع، فهو ضيقٌ، وضاق صدره حرج، فهو ضيق أيضًا اهـ. أي: ولا تك في ضيق صدر من مكرهم، فهو من الكلام المقلوب الذي يسجع عليه عند أمن الالتباس، لأن الضيق وصف، فهو يكون في الإنسان، ولا يكون الإنسان فيه، وفيه لطيفةٌ أخرى وهو أن الضيق إذا عظم وقوي صار كالشيء المحيط به من جميع الجوانب.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله: {وَآَتَيناَهُ} إذ مقتضى السياق أن يقال: وآتاه؛ أي: الله المذكور في قوله: {قَانِتًا لِلَّهِ}، ونكتة الالتفات زيادة الاعتناء بشأنه اهـ شيخنا.

ومنها: الطباق بين {الدُّنْيَا} و {الْآخِرَةِ}.

ومنها: التكرار في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} لزيادة تأكيد وتقرير لنزاهته عما هم عليه من عقد وعمل.

ومنها: الحصر في قوله: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا}.

ومنها: الطباق بين قوله {بِمَنْ ضَلَّ} وقوله: {بِالْمُهْتَدِينَ}.