للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: ما السبب في أنه تعالى قال في الحلي {يُحَلَّوْنَ} بالبناء للمفعول، وفي اللباس: {يَلْبَسُونَ} بالبناء للفاعل؟

قلنا: بنى في الأول للمفعول إيذانًا (١) بكرامتهم، وأن غيرهم يفعل بهم ذلك، ويزينهم به، بخلاف اللبس، فإن الانسان يتعاطاه بنفسه شريفا أو حقيرا، وقدم التحلي على اللباس؛ لأنه أشهى للنفس اهـ «سمين».

وقال بعضهم: لا شك (٢) أن لباس السّتر يلبسه المرء بنفسه، ولو كان سلطانا .. فلذا أسند إليه، وأما لباس الزينة فغيره يزيّنه به عادة كما يشاهد في السلاطين والعرائس، ولذا أسند إلى غيره على سبيل التعظيم والكرامة.

٥ - {مُتَّكِئِينَ فِيها}؛ أي: حالة كونهم متكئين في الجنة، وجالسين فيها، {عَلَى الْأَرائِكِ} والسرر متربعين عليها، وفي «الجمل»: متّكئين: حال عاملها محذوف؛ أي: ويجلسون متكئين؛ أي: متربعين ومضطجعين جمع أريكة، وهي: السّرير في الحجال، ولا يسمى السرير وحده أريكة، إلّا إذا كان في الحجال والحجال: جمع حجلة، وهي بيت يزيّن بالثياب للعروس، وخص (٣) الاتكاء؛ لأنه هيئة المتنعمين والملوك على أسرّتهم؛ أي: يتكئون فيها على سرر مزدانة بالستور، وفي هذا دليل على منتهى الراحة والنعيم، كما يكون ذلك في الدنيا، وأصل {مُتَّكِئِينَ} موتكئين؛ لأنه من اتكأ، أصله: أوتكأ، كما سيأتي في مبحث التصريف إن شاء الله تعالى.

وقد اشتملت الآية (٤) على خمسة أنواع من الثواب كما أشرنا إليها بالأرقام، الأول: لهم جنات عدن، الثاني: تجري من تحتهم ... إلخ، الثالث: يحلّون فيها، الرابع: ويلبسون ثيابًا ... إلخ، والخامس: متكئين فيها ... إلخ اهـ شيخنا.

{نِعْمَ الثَّوابُ} الذي أثابهم الله به بأنواعه الخمسة المتقدمة، والثواب فاعل والمخصوص بالمدح محذوف، تقديره: هي؛ أي: الجنات {وَحَسُنَتْ}؛ أي:


(١) الفتوحات.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) الفتوحات.