يتعلق بظواهره وخفاياه {بَيْنَ السَّدَّيْنِ}؛ أي: بين الجبلين، ويُروى: أن ذا القرنين سد ما بينهما، وإطلاق السد على الجبل لأنه سد في الجملة، وفي "القاموس": السد الجبل الحاجز، أو لكونه ملاصقاً للسد، فهو مجاز علاقته المجاورة، والقول الثاني هو المناسب لما قبله. اهـ "شهاب".
{يَفْقَهُونَ} يفهمون {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} اسمان أعجميان، بدليل منع الصرف فيهما للعلمية والعجمة، وقيل: بل هما عربيان، واختلف في اشتقاقهما، فقيل: من أجيج النار، وهو التهابها وشدة توقدها، وقيل: من الأوجة، وهي الأخلاط، أو شدة الحر، وقيل: من الأوج، وهو سرعة العدو، وإنما منعا من الصرف، للعلمية والتأنيث، وكلاهما من أج الظليم، إذا أسرع، أو من أجت النار، إذا التهبت، {خَرْجًا}؛ أي: جعلًا من أموالنا والخراج: ما لزمك أداؤه {بِقُوَّةٍ}؛ أي: بما يتقوى به على المقصود من الآلات والناس {رَدْمًا} والردم أكبر من السد وأوثق منه، يقال: ثوب مردم؛ أي: فيه رقاع فوق رقاع.
{آتُونِي} قرأ أبو بكر (١){ائتوني} بهمزة وصل، من أتى يأتي في الموضعين من هذه السورة، بخلاف عنه في الثاني، ووافقه حمزة على الثاني من غير خلاف عنه، والباقون بهمزة القطع فيهما، فزبر على قراءة همزة الوصل منصوبة على إسقاط الخافض؛ أي: جيئوني بزبر الحديد وفي قراءة قطعها على المفعول الثاني؛ لأنه يتعدى بالهمزة إلى اثنين، وعلى قراءة أبي بكر يحتاج إلى كسر التنوين، من {رَدْمًا} لالتقاء الساكنين؛ لأن همزة الوصل تسقط درجا، فيقرأ له بكسر التنوين وبعده همزة ساكنة هي فاء الكلمة، وإذا ابتدأت بكلمة ائتوني في قراءتِهِ وفي قراءة حمزة .. تبدأ بهمزة مكسورة للوصل، ثم ياء صريحة هي بدل عن همزة فاء الكلمة، وفي الدرج تسقط همزة الوصل، فتعود الهمزة لزوال موجب إبدالها، والباقون يبتدئون ويصلون بهمزة مفتوحة، لأنها همزة قطع ويتركون تنوين {رَدْمًا} على حاله من السكون، هذا كله ظاهر لأهل النحو، خفيٌّ على القراء.