المذكورين {خلف}؛ أي: عقب، وجماعة يستعملون الخلف بسكون اللام كما هنا في الشر، فيقال خلف سوءٍ وبفتحها في الخير، فيقال: خلف صالح قال في "الكشاف" خلفه إذا عقبه، ثم قيل: في عقب الخير خَلَف بالفتح، وفي عقب السوء خلْف بالسكون، كما قالوا وعد في ضمان الخير ووعيد في ضمان الشر، وقال اللحياني: الخلف بفتحتين الولد الصالح، والخلف بفتح فسكون الرديء {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}: كلّ شرٍ عند العرب غي، وكل خيرٍ رشاد، قال المرقش الأصغر:
{جِثِيًّا} على الركب يقال: جثا إذا قعد على ركبتيه، وهي قعدة الخائف الذليل، كما في "البحر" يجثو ويجثي جثوًا وجثايةً فهو جمع جاثٍ، وأصله: جثوو إن قلنا من جثا يجثو بواوين قلت الواو الثانية ياءً ثم الأولى كذلك، وأدغمت الياء في الياء، أو جثوى إن قلنا من جثا يجثي، فقلبت الواو ياءً وأدغمت في الياء، وعلى كلا الوجهين كسرت الثاء لتصح الياء، فالجيم مكسورة ومضمومة: قراءتان سبعيتان {صِلِيًّا}؛ أي: دخولًا واحتراقًا، مصدر من صلي، يقال: صلي يصلى صليًا، مثل لقى يلقى لقيًا، وصلى يصلي مثل مضى يمضي مضيًا، أصله: صلوي اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً، وأدغمت في الياء، وكسرت اللام لتصح الياء، ويقال: صلى بالنار إذا قاسى حرها {وَارِدُهَا}؛ أي: مار عليها {حَتْمًا}؛ أي: واجبًا {مَقْضِيًّا}؛ أي: قضي بوقوعه البتة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)} شبه المكانة العظيمة، والمنزلة السامية بالمكان العالي بطريق الاستعارة.
ومنها: المبالغة في قوله: {صِدِّيقًا نَبِيًّا}؛ أي: مبالغةً في الصدق.