للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَوْ يَخْشَى}؛ أي: يخاف من بطش الله وعذابه {أَنَّ الْعَذَابَ} والعذاب (١): هو الإيحاء الشديد، وقد عذبه تعذيبًا؛ أي: أكثر حبسه في العذاب، وأصله: من قولهم عذب الرجل: إذا ترك الماكل والنوم، فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب في الأصل: هو حمل الإنسان على أن يعذب؛ أي: يجوع ويسهر، وقيل: أصله: من العذب، فعذبته: أزلت عذب حياته، على بناء مرضته وقويته، وقيل: أصل التعذيب: إكثار الضرب بعذبة السوط؛ أي: طرفه {وَالسَّلَامُ} (اللام) لتعريف الماهية، والسلامة: التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، والمراد هنا: إما التحية، فالمعنى: والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة؛ أي: خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين {كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ}؛ أي: أعطى كل نوع صورته وشكله، الذي يشاكل ما نيط به من الخواص والمنافع {ثُمَّ هَدَى}؛ أي: ثم عرّفه كيف يرتفق بما أُعطي له.

{فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} والبال: الحال التي يكترث ويعتنى بها {مَهْدًا} قال الإِمام الراغب: المهد: ما يهيأ للصبي، والمهد والمهاد: المكان الممهد الموطأ {وَسَلَكَ} السلوك: النفاذ في الطريق، وصلك لازم ومتعد، يقال: سلكت الشيء في الشيء: أدخلته، والسبل: جمع سبيل، وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} والماء: هو جسم سيّال قد أحاط حول الأرض والمراد هنا: المطر {أَزْوَاجًا}؛ أي: أصنافًا {مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} جمع شتيت كمريض ومرضى؛ أي: مختلفة النفع والطعم واللون والشكل، والأزواج: جمع زوج، سميت الأصناف بذلك لازدواجها، واقتران بعضها ببعض؛ لأنه يقال: لكل ما يقترن بآخر مماثلًا له، أو مضادًا: زوج، ولكل قرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، كالخف والنعل، قال الراغب: النبت والنبات: ما يخرج من الأرض من الناميات، سواء كان له ساق كالشجر، أو لم يكن له ساق كالنجم، لكن اختص في التعارف بما لا ساق له، بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات، ومتى اعتبرت الحقائق .. فإنه


(١) الفتوحات.