{اقْتَرَبَ} وقرب بمعنى، والمراد من اقتراب الحساب؛ اقترابُ زمانه، وهو مجيء الساعة. وفي "أبي السعود": وإسناد الاقتراب إليه، لا إلى الساعة كما في الآية الأخرى، مع استتباعها له، ولسائر ما فيها من الأحوال، والأهوال الفظيعة لانسياق الكلام إلى بيان غفلتهم عنه، وإعراضهم عما يذكرهم ذلك اهـ {الناس} هم المكلّفون.
{مُعْرِضُونَ}؛ أي: عن التأهب لهذا اليوم، يقال: أعرض؛ أي: ولَّى مبدياً عرضه؛ أي: ناحيته {النَّجْوَى} في الأصل مصدر، ثم جعل اسمًا من التناجي بمعنى القول الواقع بطريق المسارَّة؛ أي: السر بين اثنين فصاعدًا، يقال: تناجى القوم إذا تسارّوا، وتكالموا سرًّا عن غيرهم، والمراد: أنَّهم أخفوا تناجيهم، ولم يتناجوا بمرأى من غيرهم. قال الراغب: ناجيته ساررته، وأصله: ارتحلوا به في نجوة من الأرض؛ أي: المرتفع المنفصل بارتفاعه عما حوله، ومعنى إسرارها مع أنها لا تكون إلّا سرًا أنهم بالغوا في إخفائها.
{مِنْ ذِكْرٍ}؛ أي: قرآن {مُحْدَثٍ}؛ أي: جديد نزوله {بَشَرٌ} اسم جنس يستوي فيه الواحد والجمع {بَلْ قَالُوا} بل كلمة يؤتى بها للانتقال من غرض إلى غرض آخر، ولا تذكر في القرآن إلَّا على هذا الوجه كما قاله ابن مالك، وسبقه إليه صاحب "الوسيط"، ووافقه ابن الحاجب، وهو الحق.
{أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ}؛ أي: أخلاط رآها في النوم، وقد تقدم البحث فيها {جَسَدًا} قال الراغب: الجسد كالجسم لكنه أخص فإن الجسد ما له لون، والجسم يقال: لما لا يبين له لون كالماء، والهواء، {خَالِدِينَ} والخلود: تبرؤُ الشيء من اعتراض الفساد، وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، والمراد إما المكث المديد كما هو شأن الملائكة، أو الأبديُّ وهم معتقدون أنهم لا يموتون {الْوَعْدَ} نصرهم وإهلاك أعدائهم {الْمُسْرِفِينَ}؛ أي: الكافرين، قال الراغب: