واختلف العقلاء فيه: فقال بعضهم: الفلك ليس بجسم، وإنما هو استدارة هذه النجوم. وقال الأكثرون: الأفلاك؛ أجسام تدور النجوم عليها، وهذا أقرب إلى ظاهر القرآن، ثم اختلفوا في كيفيته فقال بعضهم: الفلك موج مكفوف،. تجري الشمس والقمر والنجوم فيه. وقال الكلبي: ماء مكفوف تجري فيه الكواكب، واحتج بأن السباحة لا تكون إلا في الماء. قلنا: لا نسلم ذلك، فإنه يقال في الفرس: الذي يمد يديه في الجري سابح. المسألة الرابعة: اختلف الناس في حركات الكواكب والوجوه الممكنة فيها ثلاثة. فإنه إما أن يكون الفلك ساكناً، والكواكب تتحرك فيه، كحركة السمك في الماء الراكد، وإما أن يكون الفلك متحركًا، والكواكب تتحرك فيه أيضًا، إما مخالفة لجهة حركته، أو موافقة لجهتها، إما بحركة مساوية لحركة الفلك في السرعة والبطء، أو مخالفةً، وإما أن يكون الفلك متحركًا والكواكب ساكنة، والذي يدل عليه لفظ القرآن الأول، وهو أن تكون الأفلاك ساكنة، والكواكب جارية فيها، كما تسبح السمكة في الماء الراكد، اهـ "التفسير الكبير للرازي".
{الْخُلْدَ} الخلود والبقاء {كُلُّ نَفْسٍ}؛ أي: مخلوقةٍ، فلا يرد الباري تعالى {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}؛ أي: موارة مفارقة جسدها، اهـ شيخنا. وهذا دليل على ما أنكر من خلودهم، اهـ "أبو السعود". والذوق هنا: الإدراك. والمراد من الموت، مقدماته من الآلام العظيمة، والمدرك لذلك هي النفس المفارقة، التي تدرك مفارقتها للبدن {نبلوكم} أي: نختبركم. والمراد: نعاملكم معاملة من يختبركم {بالخير والشر}؛ أي: بالمحبوب والمكروه {فِتْنَةً} أي: بلاءً واختبارًا، فهو مصدر مؤكد لنبلوكم، من غير لفظه. وأصل الفتن، إدخال الذهب النار. لتظهر جودته من رداءته. وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يجرِّب أحدكم بالبلاء. كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار. فمنه من يخرج كالذهب، فذاك الذي افتتن". قال الراغب: يقال: بلى الثوب بلى؛ أي خلق، وبلوته اختبرته كأني أخلقته من كثرة اختباري له، وسمي الغم بلاءً، من حيث إنه يبلي الجسم {إِلَّا هُزُوًا}؛ أي: ما يتخذونك إلّا مهزوءًا به؛ أي: مسخورًا منه.