فمنها: تجاهل العارف في قوله: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}؛ لأن هذا السؤال تجاهل من إبراهيم، وإلّا فهو يعرف أن حقيقتها حجر، أو شجرٌ اتخذوها معبوداً.
ومنها: العدول عن علي، التي يتعدى بها فعل العكوف، إلى اللام في قوله:{أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} لقصد معنى العبادة، من العكوف ليجيبوه بقوله:{وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} تسجيلًا عليهم بالتقليد، والقول بغير برهان، والانجرار إلى ما عليه آباؤهم.
ومنها: المخالفة بين الجملتين في قوله: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٥٥)} لملاحظة التجدد في إحداهما، حيث أبرزها في صورة الفعلية بقوله:{أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ}، ولملاحظة الثبات والدوام في الأخرى، حيث أبرزها في صورة الاسمية بقوله:{أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} والمعنى: أحدثت عندنا الإتيان بالحق، وهو التوحيد فيما نسمعه منك، أم أنت على ما كنت عليه من اللعب، منذ أيام الصبا، وأرادوا بالتجدد في الجملة، أن التوحيد أمر مستحدث مخترع، وبالثبات في الثانية، أنه على عادتهم المستمرة من اللعب تحقيرًا له.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}؛ لأن الكيد حقيقة في الاحتيال. في إيصال الضرر إلى الغير، بطريق خفي، وهو هنا كناية عن الاجتهاد في إزالتها، فتجوّز به عنه إما استعارة، أو استعمالًا له في لازمه؛ لأن الكيد يستلزم الاجتهاد "الجمل" بتصرف.
ومنها: الاستعارة في قوله: {وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}؛ لأنه ليس المراد هنا حقيقة الشهادة؛ لأنه لا شهادة من المدعي، بل استعيرت الشهادة لتحقيق الدعوى بالحجة والبرهان؛ أي: لست من اللاعبين في الدعاوى، بل من المحتجين عليها بالبراهين القاطعة، التي بمنزلة الشاهد الذي تقطع به الدعاوى، اهـ "روح البيان".
ومنها: تقديم الظرف في قوله: {لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} للاختصاص أو لمجرد الاهتمام.