للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يؤخذ للجنة، كما ورد في "الصحيح"، وورد "أهل الرحمة كشعرة بيضاء في جلد الثور الأسود".

قلنا: هذه الكثرة بالنسبة إلى بني آدم، وأما أهل الرحمة بالنسبة إليهم وإلى الملائكة والحور والغلمان، فأكثر من أهل الغضب.

مشكلةٌ: فإن قلت: إن قوله: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} يسجد مفهومه أن قليلًا منهم أبوا من السجود، فيناقض كثيرًا الثاني، وأن قوله: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} مفهومه أن قليلًا منهم يسجد، فيناقض كثيرًا الأول، فبين الكثيرين تناقض.

قلت: إن المراد بالكثير، الأول: كثرته في ذاته، فلا ينافي قلته بالنسبة إلى الكثير الثاني، وقد أشكلني هذا التناقض زمانًا، فبحثت عن جوابه في كتب التفاسير، فلم أجده، فظهر لي هذا الجواب بفضله، فلله الحمد، ثم رأيت ما يوافقه في تفسير "روح البيان"، ونص عبارته، يقول الفقير: الكثير الأول كثير في نفسه، قليل بالنسبة إلى الكثير الثاني، إذ أهل الجمال أقل من أهل الجلال، وهو الواحد من الألف، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: إن الواحد على الحق، هو السواد الأعظم. وعن بعضهم: قليل إذا عدوا، كثير إذا شدوا؛ أي: أظهروا الشدة انتهت.

الإعراب

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)}.

{يَا أَيُّهَا} {يا}: حرف نداء {أيّ}: منادى نكرة مقصودة. {ها} حرف تنبيه زائد، زيدت تعويضاً عما فات؛ أي: من الإضافة. {النَّاسُ} صفة لـ {أي}، أو بدل منها، وجملة النداء مستأنفة. {اتَّقُوا رَبَّكُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به مبني على حذف النون، والجملة الفعلية جواب النداء، لا محل لها من الإعراب، {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ} ناصب واسمه ومضاف إليه. {شَيْءٌ}: خبره: {عَظِيمٌ}: صفة {شَيْءٌ} والإضافة في {زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ} من إضافة المصدر إلى فاعله، أو إلى مفعوله، فعلى الأول كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي، وعلى الثاني على طريقة الاتساع في الظرف، وإجراءه مجرى المفعول به، كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل