الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر أنه أمر إبراهيم ببناء البيت، وتطهيره من عبادة الأوثان والأصنام، وأن ينادي الناس ليحجوا هذا البيت الحرام، مشاة وركباناً، من كل فج عميق، لما لهم في ذلك من منافع دنيوية ودينية، وأن ينحروا البدن الهدايا، ذاكرين اسم الله عليها، في أيام معلومات، وأن يأكلوا منها، ويطعموا البائس الفقير .. قفَّى على ذلك ببيان أن اجتناب المحرمات، حال الإحرام، خير عند الله مثوبة، وأعظم أجرًا، وأن ذبح الأنعام، وأكلها حلال، إلا ما حرم عليكم، وأنه يجب اجتناب عبادة الأوثان، وترك شهادة الزور، وأن من يشرك بالله فقد هلك، وأن تعظيم شعائر الله، علامة على أن القلوب مليئة بالتقوى والخوف من الله، وأن في هذه الهدايا منافع من الدر والصوف والنسل، إلى أجل مسمى، وهو أن تنحر، ثم تؤكل ويتصدق بلحومها.
قوله تعالى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر (١) أن تعظيم الشعائر من أعظم دعائم التقوى، وأن محل نحرها هو البيت العتيق .. قفى على ذلك ببيان أن الذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى، ليس بخاص بهذه الأمة، بل لكل أمة مناسك، وذبائح تذكر باسم الله حين ذبحها، والشكر له على توفيقه لإقامة هذه الشعائر، فلإله واحد، والتكاليف تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمصالح، وبعدئذٍ أمر رسوله أن يبشر المتواضعين، الخاشعين لله، الذين يقيمون الصلاة وينفقون مما رزقناهم، بجنات تجري من تحتها الأنهار.
قوله تعالى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما حث على التقرب بالأنعام كلها، وبين أن ذلك من تقوى القلوب .. خص من بينها الإبل؛ لأنها أعظمها خلقًا، وأكثرها نفعًا، وأنفسها قيمة.