فأما الصبي والمجنون فلا تصح كتابتهما؛ لأن الابتغاء منهما لا يصح. وجوز أبو حنيفة كتابة الصبي المراهق.
والمعنى: أي والمماليك الذين يطلبون من سادتهم أن يكاتبوهم على أداء مال معين نجومًا، ليصيروا بعد أدائها أحرارًا، ويكونوا قادرين على الكسب، وأداء ما كوتبوا عليه مع الأمانة والصدق فكاتبوهم، ويكونون بعد إنتهاء الأجل وأداء ما أوجبوه على أنفسهم أحرارًا في رقابهم وفي كسبهم.
ثم حث المؤمنين جميعًا على تحرير الرقاق، فقال:{وَآتُوهُمْ}؛ أي: واعطوا أيها السادة المكاتبين شيئًا {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}؛ أي: أعطاكم، وليس لكم فيه فضل، فإن الله ربكم ورب عبيدكم، وأموالكم ملكه. أو أعطوا أيها الحكام المكاتبين سهامهم التي جعلها الله لهم في بيت المال في مصارف الزكاة بقوله:{وَفِي الرِّقَابِ}؛ أي: وفي تحرير الأرقاء.
وعلى القول بأن الخطاب للسادة .. فالواجب إما أن يعطوهم شيئًا من المال، أو يحطوا عنهم مما كوتبوا عليه. وظاهر الآية عدم تقدير ذلك بمقدار. وقيل: الثلث. وقيل: الربع. وقيل: العشر. ولعل وجه تخصيص الموالي بهذا الأمر هو كون الكلام فيهم وسياق الكلام معهم، فإنهم المأمورون بالكتابة. وقال الحسن والنخعي وبريدة: إن الخطاب بقوله: {وَآتُوهُمْ} لجميع الناس.
ثم إنه سبحانه لما أرشد الموالي إلى نكاح الصالحين من المماليك .. نهى المسلمين عما كان يفعله أهل الجاهلية من إكراه إمائهم على الزنا، فقال:{وَلَا تُكْرِهُوا}؛ أي: لا تجبروا أيها السادة {فَتَيَاتِكُمْ}؛ أي: إمائكم، فإن كلا من الفتى والفتاة كناية مشهورة عن العبد والأمة. وباعتبار المفهوم الأصلي، وهو أن الفتى: الطري من الشباب، ظهر مزيد مناسبة الفتيات لقوله:{عَلَى الْبِغَاءِ} وهو الزنا من حيث صدوره عن الشواب؛ لأنهن اللاتي يتوقع منهن ذلك غالبًا، دون ما عداهن من العجائز والصغار.
{عَلَى الْبِغَاءِ}؛ أي: على الزنا، مصدر بغت المرأة تبغي بغاءً، إذا زنت وفجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها. ثم الإكراه إنما يحصل متى حصل