كوكب دري من تفخيم شأنها بالتفسير بعد الإبهام ما لا يخفى.
{يُوقَدُ} ذلك المصباح؛ أي: يبتدأ إيقاد ذلك المصباح {مِنْ} زيت {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ}؛ أي: كثيرة المنافع؛ لأن الزيت يسرج به، وهو إدام، ودهان ودباغ ويوقد بحطب الزيتون وبثفله، ورماده يغسل به الأبريسم. ولا يحتاج في استخراج دهنه إلى عصار. وفيه زيادة الإشراق، وقلة الدخان. وهو مصحة من الباسور. {زَيْتُونَةٍ} بدل من شجرة خصها من بين سائر الأشجار؛ لأن دهنها أضوأ وأصفى. قال في إنسان العيون: شجرة الزيتون تعمِّر ثلاثة آلاف سنة. وهو أول شجرة نبت في الدنيا، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان، ونبتت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة. ودعا لها سبعون نبيًا بالبركة. منهم إبراهيم، ومنهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه قال مرتين:"اللهم بارك في الزيت والزيتون" اهـ. "مراح".
{لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ}؛ أي: لا شرقية تطلع عليها الشمس في وقت شروقها فقط. ولا غربية تقع عليها حين الغروب فقط، بل بحيث تقع عليها طول النهار، فلا يسترها عن الشمس في وقت من النهار شيء، كالتي على قمة جبل، أو صحراء. فتكون ثمرتها أنضج، وزيتها أصفى. أولا في مضحى، تشرق الشمس عليها دائمًا فتحرقها, ولا في مغيباة تغيب عنها دائمًا فتتركها نيئًا، أو لا نابتة في شرق المعمورة نحو كنكدزٍ وديار الصين. ولا في غربها، نحو طنجة وطرابلس وديار قيروان. بل في وسطها، وهو الشام. فإن زيتونته أجود الزيتون أو في خط الاستواء بين المشرق والمغرب. وهي قبة الأرض، فلا توصف بأحد منهما، فلا يصل إليها حر ولا برد مضران. وقبة الأرض وسط الأرض عامرها خرابها. وهو في مكان تعتدل فيه الأزمان في الحر والبرد، ويستوي الليل والنهار فيها أبدًا، لا يزيد أحدهما على الآخر؛ أي: يكون كل منهما اثنتي عشرة ساعة.
وعبارة "المراغي" هنا: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: الله هادي أهل السماوات والأرض، بما نصب من الأدلة في الأكوان. وبما أنزل على رسله من الآيات البينات فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلال ينجون.
{مَثَلُ نُورِهِ}، سبحانه؛ أي: صفة نور الله عَزَّ وَجَلَّ في قلب المؤمن. وهو