للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعلوه موج كائن من فوقه موج كائن من فوق ذلك الموج الثاني سحاب ستر ضوء النجوم. وما تقدم ذكره ظلمات متراكمة، وهي ظلمة البحر وظلمة الموج الأول، وظلمة الموج الثاني، وظلمة السحاب. وهذا بيان لكمال شدة الظلمات. كما أن قوله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} بيان لغاية قوة النور. إلا أن ذلك متعلق بالمشبه وهذا بالمشبه به.

وقرأ سفيان (١) بن حسين {أو كظلمات} بفتح الواو، جعلها واو عطف تقدمت عليها الهمزة التي لتقرير التشبيه، الخالي عن محض الاستفهام، وقرأ الجمهور: {سحاب} بالتنوين. {ظلمات} بالرفع، على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه، أو تلك ظلمات. وقرأ البزي وابن محيصن {سحاب ظلمات} بإضافة {سحاب} إلى {ظلمات}، وجه الإضافة أن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات، فأضيف إليها لهذه الملابسة. وقرأ قنبل {سحابٌ} بالتنوين، {ظلمات} بالجر بدلًا من {ظلمات} الأولى.

ثم بالغ سبحانه، في هذه الظلمات المذكورة، بقوله: {إِذَا أَخْرَجَ}؛ أي: من (٢) ابتلي بهذه الظلمات، أو الحاضر فيها، وإضماره من غير ذكره لدلالة المعنى عليه، دلالة واضحة {يَدَهُ}، وهي أقرب أعضائه المرئية إليه، وجعلها بمرأى منه قريبةً من عينه لينظر إليها. {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}؛ أي: لم يقرب أن يراها لشدة الظلمة فضلًا عن أن يراها.

قال الزجاج وأبو عبيدة: المعنى لم يرها , لم يكد. وقال الفراء إن {يكد} زائدة.

والمعنى: إذا أخرج يده لم يرها. كما تقول: ما كدت أعرفه. وقال المبرد، يعني: لم يرها إلا من بعد الجهد. قال النحاس: أصح الأقوال في هذا، أن المعنى: لم يقارب رؤيتها، فإذا لم يرها رؤيةً بعيدةً، ولا قريبةً.

وجملة قوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} مقررة لما قبلها، من


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.