للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم (١): هو ما يكون تحت أيديهم، وتصرفهم من ضيعة، أو ماشية وكالةً أو حفظًا، فملك المفاتح حينئذٍ كناية عن كون المال في يد الرجل، وحفظه.

والمعنى: ليس عليكم جناح أن تأكلوا من أموال لكم عليها يد، لكن لا من أعيانها، بل من أتباعها وغلاتها، كثمر البستان، ولبن الماشية، فلا حرج على وكيل الرجل، وقيمه في ضيعته وماشيته، أن يأكل من ثمر الضيعة ويشرب من لبن الماشية، ولكن لا يحمل ولا يدخر. وهذا إذ لم يجعل له أجرًا على ذلك، فإن جعل له أجرًا فلا يحل له أكل شيء منها.

وقرأ الجمهور (٢): {ملكتم} بفتح الميم واللام خفيفة. وقرأ ابن جبير: بضم الميم وكسر اللام مشددة. وقرأ الجمهور {مَفَاتِحَهُ} جمع مفتح. وابن جبير: {مفاتيحه} جمع مفتاح. وقتادة وهارون عن أبي عمرو: مفتاحه مفردًا.

{أَوْ} من بيوت {صَدِيقِكُمْ} قرىء بكسر الصاد اتباعًا لحركة الدال، حكاه حميد الخزاز. والصديق يكون للواحد والجمع. والصداقة: صدق الاعتقاد في المودة، كما سيأتي في مبحث اللغة. والمعنى: أو من بيوت أصدقائكم، الذين يصدقونكم المودة، وتصدقونهم، وإن لم يكن بينكم وبينهم قرابة نسبية، فإنهم أرضى بالتبسط، وأسر به من كثير من الأقرباء. هذا إذا علم رضاهم بذلك بالإذن، أو بشاهد الحال، ولا فرق بينهم وبين غيرهم، إذا وجد الإذن صراحةً.

وعن الحسن، أنه دخل يومًا بيته، فرأى جماعة من أصدقائه، قد أخذوا طعامًا من تحت سريره، وهم يأكلون فتهلل وجهه سرورًا، وقال: هكذا وجدناهم، يعني: من لقي من البدريين.

وعن جعفر الصادق، من عظم حرمة الصديق، أن جعله الله تعالى من الإنس والثقة والانبساط، ورفع الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ. وقيل: لأفلاطون من أحب إليك أخوك أو صديقك؟ فقال: لا أحب أخي إلا إذا كان صديقي، ولكن أنى هو، فقد أثر عن هشام بن عبد الملك أنه قال: نلت ما نلت


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.