فإن قلتَ: إنّ (١) الممنوعَ بَيْتُ المقدس على قول، أو المسجد الحرام على قول آخر، فكيف التعبير بالجمع هنا؟
أجيب عنه: بأنَّ من خرَّب مسجدًا من هذين، فكأنّما خرَّب مساجد كثيرة بالقوَّة؛ لأنَّهما أفضل المساجد، وغيرهما تبعٌ لهما {أُولَئِكَ} المانعون الذين يسعون في تخريب بيوت الله {مَا كَانَ} ينبغي {لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا}؛ أي: أن يدخلوا المساجد {إِلَّا خَائِفِينَ} من المسلمين أن يبطشوا بهم فضلًا عن أن يمنعوهم منها، وهذا الحكم عامٌّ لكل من فعل ذلك في أيِّ مسجدٍ كان {لَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء المانعين {فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}؛ أي: هوان بالقتل، والسبي، وضرب الجزية عليهم {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؛ أي: شديدٌ أشدَّ مما لهم في الدنيا؛ بسبب كفرهم، وظلمهم، وهو عذاب النار.
{مَا} اسم شرط جازم في محل النصب مفعول مقدّم وجوبًا؛ لأنّه من أسماء الشروط لننسخ {نَنْسَخْ} فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله مجزوم بما الشرطية {مِنْ آيَةٍ} جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لاسم الشرط، واسم الشرط ليس معرفة، فلا يجوز أن يكون الجار والمجرور حالًا منه، والتقدير: أي شيء كائنًا من الآيات ننسخه، فهو مفردٌ وقع موقع الجمع، وهذا مطردٌ بعد الشرط؛ لما فيه من معنى العموم، وعلى هذا يخرَّج كُلُّ ما جاء من هذا التركيب، كقوله: ما يفتح الله للناس من رحمة وما بكم من نعمة فمن الله، وأجاز بعضهم أن تكون من آية في موضع نصب على التمييز والمُميَّز {مَا} وليس ببعيدٍ أيضًا، وأعربها ابن هشام في موضع نصب على الحال، وليس ببعيدٍ أيضًا {أَوْ} حرف