فمنها: الكناية اللطيفة في قوله: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}؛ لأنه كناية عن الذل والهوان الذي يلحقهم بعد العز والكبرياء.
ومنها: المجاز العقلي في إسناد الخضوع للأعناق، فقد يقال: كيف صح مجيء خاضعين خبرًا عن الأعناق، والخضوع من خصائص العقلاء، وقد كان أصل الكلام: فظلوا لها خاضعين؟ والسر في ذلك أنه لما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء .. قيل: خاضعين، كما تقدم في قوله:{لِي سَاجِدِينَ}، وههنا أقوال أخرى أوصلها علماء البيان إلى سبعة نلخصها فيما يلي:
١ - المراد الرؤساء، كما قيل: لهم وجوه وصدور، يقال لهم: أعناق.
٢ - أنه على حذف مضاف؛ أي: فظل أصحاب الأعناق، ثم حذف وبقي الخبر على ما كان عليه قبل الحذف مراعاة للمحذوف.
٣ - أنه لما أضيف إلى العقلاء اكتسب منهم هذا الحكم، كما يكتسب التأنيث بالإضافة.
٤ - أن الأعناق جمع عنق من الناس؛ وهم الجماعة، يقال: جاءنا عنق من الناس؛ أي: فوج، وليس المراد الجارحة المعلومة.
٦ - ما ذكرناه من أنها عوملت معاملة العقلاء لما أسند إليها ما يكون عادة من أفعال العقلاء على طريق المجاز العقلي.
٧ - أنه لما أضاف الأعناق إلى المذكورين، وكانت الأعناق متصلة بهم في الخلقة والتكوين .. أجرى عليها حكمهم.
ومنها: التتميم في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧)} حيث جمع بين {كَمْ} و {كُلِّ}، مع إغناء أحدهما عن الآخر، وضابط التتميم أن تأتي في الكلام كلمة إذا طرحت من الكلام نقص معناه في ذاته أو في