للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأدغمت فاءُ الفعلِ التي هي التاء الأولى في تاء الافتعال، والمادةُ معناها بمعنى: أخذ، فتَخِذَ وأخذ بمعنى واحدٍ، خلافًا لابن الأثير القائل: بأنّها مادّة مستقلّة، وليست من الأخذ في شيء محتجًّا بأنّ فاء الأخذ همزة، والهمزة لا تدغم في التاء؛ يعني: أنّ افتعل من أخذ قياسه ائتخذ.

قلت: قول ابن الأثير: إنّ فاء الكلمة إذا كان همزة لا يبدل تاء إن كان يعني قياسًا، فمسلَّمٌ، وإلّا فإبدال الهمزة ياءً، وإبدال الياء تاءً، وإدغامها في تاء الافتعال واردٌ، لكنّه شاذٌّ كما عقد ذلك ابن مالك في باب التصريف بقوله:

ذو اللِّيْنِ فَاتَا في افْتِعالٍ أُبْدِلا ... وَشذّ في ذي الهمز نَحْوُ ائْتَكَلا

يعني: أنَّ فاء الكلمة إذا كان همزةً شذَّ إبدالها تاءً، كما قالوا: اتكل، واتَّزَرَ بإبدال الياء المبدلة من الهمزة تاءً، ولكن الأشمونيَّ وافق ابن الأثير، ونسب الجوهريَّ إلى الوهم في دعواه أنّها من الأخذ، كما نسبه ابن الأثير في النهاية، أمّا صاحب "القاموس": فقد وافق الجوهري في مذهبه مصدِّرًا به كلامه، ثم ذكر كلام ابن الأثير الذي نقَلْتُه، وعلى كل حالٍ اتخذ وزنه افتعل، سواء أكان من الأخذ، أو من تخذ، وذهب بعض المتأخّرين إلى أنَّ اتخذ أصله: وخذ واويُّ الفاء، وعليه يكون إبدالها تاءً جاء على اللغة الفصحى من إبدال فاء الكلمة تاء إذا كان حرف لين، وبني منها افتعالٌ، والله أعلم.

{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} من باب الصفة المشبهة التي أضيفت إلى منصوبها الذي كان فاعلًا في الأصل، والأصل: بديعٌ سمواته؛ أي: بدعت لمجيئها على شكلٍ فائق حسنٍ غريب، ثمّ شبّهت هذه الصفة باسم الفاعل، فتنصب ما كان فاعلًا، ثُمَّ أضيفت إليه تخفيفًا، وهكذا كل ما جاء من نظائره بالإضافة لا بدّ، وأن تكون من نصبٍ؛ لئلا يلزم إضافة الصفة إلى فاعلها، وهو لا يجوز، كما لا يجوز في اسم الفاعل الذي هو الأصل. اهـ. "سمين". وفي "القاموس": وبَدُعَ، ككرم بداعةً وبدوعًا. اهـ.

{وَإِذَا قَضَى أَمْرًا} أصله: قَضَيَ بوزن فعل، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، والقضاء له معانٍ كثيرةٌ، مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه، فيكون