قوله تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين (١) طريق إرشاد المشركين وجدالهم بالخشن من القول، والمبالغة في تسفيه آرائهم، وتوهين شبههم .. أردف ذلك بذكر طريق إرشاد أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بأن يسلك معهم طريق الحجاج بالحسن، ولا يسفه آراءهم، ولا ينسب إلى الضلال آباءهم.
ذلك أن المشركين جاؤوا بالمنكر من القول، ونسبوا إلى الله سبحانه ما لا ينبغي من الشريك والولد، أما أهل الكتاب فقد اعترفوا بالله وأنبيائه، لكنهم أنكروا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: إن شريعتهم باقية على وجه الدهر، لا تنسخ بشريعة أخرى، فينبغي إقناع مثل هؤلاء بالحسن من القول، ولفت أنظارهم إلى الأدلة الباهرة الدالة على نبوته، وصدق رسالته، بما يكون لهم فيه مقنع، وبما لو