للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَالْإِثْمَ} الإثم لغة: القبيح الضار؛ وهو شامل لجميع المعاصي كبائرها كالفواحش، وصغائرها كالنظر بشهوة لغير الحليلة. وقال (١) الفضل: الإثم: الخمر وأنشد:

نهانا رسول الله أن نقرب الخنا ... وأن نشرب الإثم الّذي يوجب الوزرا

وأنشد الأصمعي أيضا:

ورحت حزينا ذاهل العقل بعدهم ... كأنّي شربت الإثم أو مسّني خبل

قال: وقد تسمى الخمر إثما، وأنشد:

شربت الإثم حتى زال عقلي

{وَالْبَغْيَ} والبغي: تجاوز الحد، وقد يقال: بغى الجرح إذا تجاوز الحد في الفساد، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ}؛ أي: مدة (٢) العمر من أولها إلى آخرها.

وقوله: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ}؛ أي: آخر هذه المدة، فلذلك أظهر لاختلاف معنى الأجل في الموضعين، فالأجل يطلق على جميع مدة العمر بتمامها، وعلى الجزء الأخير منها. وفي «المصباح»: أجل الشيء مدته ووقته الذي يحل فيه، وهو مصدر أجل الشيء أجلا - من باب تعب - وأجل أجولا - من باب قعد لغة - وأجلته تأجيلا جعلت له أجلا، والآجال جمع أجل مثل سبب وأسباب. والأمة: قال ابن عطية: الفرقة والجماعة من الناس؛ وهي لفظة تستعمل في الكثير من الناس. وقال غيره: والأمة الجماعة قلوا أو كثروا، وقد يطلق على الواحد كقوله في قس بن ساعدة: يبعث يوم القيامة أمة وحده، وقال تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ}. {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} المراد بهم الجماعات والأحزاب وأهل الملل.

{حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها} أصله: تداركوا بوزن تفاعلوا، فأدغمت التاء في الدال بعد قلبها دالا وتسكينها، ثم اجتلبت همزة الوصل، فصار اداركوا، وهذه (٣) المسألة نصوا على نظيرتها، وهي أن تاء الافتعال إذا أبدلت إلى حرف


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.
(٣) الفتوحات.