معه أياما، وبعد أداء فريضة الحج وزيارة قبر النبى ﷺ رجع إلى مصر وقد فتح الله عليه فتحا إلهيا، وطار صيته واعتقده الخاص والعام وأخذ عنه الطريق جم غفير، منهم: شيخ الإسلام الشيخ حسن القويسنى، وشيخ الإسلام الشيخ إبراهيم البيجورى، والشيخ الخنانى، وكان لا يسأل عن مسألة إلا بيّن حكم الله فيها بالنصوص الصحيحة من غير أن يمارس العلم، وسئل عن اللوح المحفوظ فقال: هو صدر العارف متى توجه لشئ وجده أمامه، وكان يقول: علم النحو كذب فلا أشتغل به. ومع ذلك له مؤلفات عديدة منها قصيدة فى أسماء الله الحسنى نحو مائة بيت، وأخرى نحو ثلاثين، وتائية تحكى تائية ابن الفارض لكنها أكبر منها فإنها نحو ألف ومائتى بيت وتائية ابن الفارض ثمانمائة بيت، وتفسير صغير الحجم للقرآن العظيم، وكتاب يشتمل على نحو سبعين فنا، وله شرح على حكم شيخه نحو سبعين كراسة، وذيل قصيدة شيخه المرغنى وشرحها بنحو ثمانى عشرة كراسة، وله توسلات ومناجاة وأوراد وصلوات وغير ذلك، وكان يرى النبى ﷺ كثيرا ومن كلامه فى ذلك.
تجلى الجمال الفرد بالعلم الفردى … فأشهدنى غيبى وأوجدنى فقدى
إلى أن قال:
أشاهده فى كل غيب وحاضر … وألحظه بالعين فى القرب والبعد
فها أنا فى حان المحبين حاكم … أنفذ أحكام المدامة فى جندى
وكان كريم النفس باذلا للفقراء زاهدا ورعا لا يقبل من أحد شيئا، أرسل له العزيز محمد على الأكبر خمسمائة جنيه مصرية فردها، وأنعم عليه المرحوم عباس باشا بأطيان فلم يقبلها، وقد أسلم على يديه أكثر من ستين نفسا، ولعل ذلك هو حكمة إقامته فى المخبز. ولم يزل فى ترق فى إنعامات إلى أن توفى قبيل فجر يوم الأحد لخمس عشرة خلت من ربيع الأول سنة ثمان وستين ومائتين وألف وعمره ستون سنة، ودفن بجامع قجماس وعمل له بعض تلامذته مقصورة بالصدف، وعمل له مولد كل سنة وله حضرة وزيارة. هكذا أملاه بعض تلامذته الشيخ سيد البيجورى/الشافعى أحد مدرسى الأزهر.
[جامع أبى درع]
هذا الجامع فى حارة أبى درع الموصلة إلى حارة قواديس. وعلى واجهته تاريخ بنائه سنة ألف ومائتين وسبع عشرة، وله منبر وخطبة وشعائره قائمة وبه ضريح الشيخ