الإفرنج تسمى هذا الأثر (عمود بومبى) والمصريون يسمونه (عمود السوارى)، ويؤخذ من التسمية الأولى أن هذا العمود ينسب عمله إلى (بومبى) المذكور، والحال أن هذا الأمير رومانى لم يطأ إسكندرية، بل ثبت أنه قتل بمدينة الطينة-التى على ساحل مصر- بدسيسة زوج كيلوباترا الأول وأخيها.
والكتابة الرومية الموجودة على جلسة العمود، تدل على إهدائه إلى قيصر الروم (ديوكليتان) فهل يقال إنه لم يرفع إلا فى زمنه؟ وجعل علما على فتحه مدينة إسكندرية، ونصرته على الإسكندرانيين الذين كانوا رفعوا لواء العصيان، وعاقبهم بعد نصره عليهم عقابا شديدا، سفك فيه كثيرا من الدماء.
لكن جميع الناس العالمين بتاريخ مصر وآثارها، اتفقوا على أن البدن من أعمال المصريين السالفين، وأن الجلسة من أعمال الرومانيين، ومن هنا يعلم أن العمود نفسه قديم قبل هذا القيصر.
وغاية ما يقال إنه كان قد وقع أو تخلخل، فأقامه على القاعدة الجديدة، ونقش عليه الكتابة المذكورة لتخليد ذكره، فإنه بعد قسوته عقب دخول المدينة فى الطاعة، أحسن للأروام الذين كانوا بها، وفرق عليهم الغلال، وأدخل ضمن قوانين الحكومة بعض قوانين نافعة.
ويؤخذ من التسمية الثانية: أنه منسوب إلى قيصر الروم (سيزوستريس) ولكن التاريخ لم يذكر ذلك، فهى غير صحيحة، كنسبته عند الأروام إلى إسكندر مؤسس مدينة الإسكندرية.
والصحيح أن العمود المذكور من آثار الأروام، حسب اتفاق كثير من أهل التاريخ، وأنه أقيم فى مكانه زمن أحد البطالسة الذى فيه أنشئ المكان المعروف بالسيرابيوم، وهو أعظم عمارات الإسكندرية فى زمن عزها، وقد وصفه العالم الرومانى (أفتونيوس) السائح فى