وأما سولون فهو مشرع أثينة المشهور وهو معدود من حكماء اليونان السبعة، ولد قبل المسيح بستمائة وأربعين سنة فى مدينة سلامين، وأبوه كردوس هو أحد ملوك أثينة، اشتغل سولون أولا بالتجارة وسكن أثينة وصار من أعضاء مجالسها، وكان الأثينيون بسبب وقعات كثيرة جرت بينهم وبين سكان جزيرة سلامين بلا فائدة، قد أصدروا قرارا حكموا فيه بقتل كل من يتسبب فى تجديد محاربة تلك الجزيرة، فخرج سولون بصفة مجنون لا عقل له ووقف فى الميدان وجعل ينشد أشعارا فيها التحريض على القتال، والحث على الشجاعة، فنشأ عن ذلك إبطال القرار وجعل رئيس الجيش وحارب الجزيرة واستولى عليها.
وفى سنة خمسمائة وثلاث وتسعين خصصته المجالس لعمل قوانين لوطنه، فنظم قوانين عدلية زال بها ما كان حاصلا من الشقاق والفتن، وجعل الناس بالنسبة للاقتدار وعدمه أربع فرق وشكل منهم مجلسا، وجعل رئيسة نفس السلطان ونظم السيناتو، ثم فارق أثينة بعد أن حلفهم على عدم ترك قوانينه فساح فى آسية الصغرى وجزيرة قبرص وبلاد مصر، ثم رجع إلى وطنه بعد عشر سنين، فوجد قوانينه تنوسيت والفتن قد ثارت، ولم يتمكن من رد الأمور إلى أصلها، ففارق وطنه وأقام بقبرص ومات بها سنة خمسمائة وتسع وخمسين، وكان شاعرا فصيحا وخطيبا بارعا وكانت عادته ولازمته فى كل شئ أن يقول:(اقرأ العواقب).