للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجع هو والسلطان، وقاتلوا العصاة فى الرميلة، فانتصر العصاة، وقبضوا على الأتابك، وحبس بالإسكندرية.

وتداول النيابة والأتابكية وغيرهما من الوظائف جماعة من الأمراء، كل أيامهم فتن ومحن، ومن جملتهم الأمير برقوق العثمانى.

وفى سنة تسع وسبعين وسبعمائة، حصل حريق هائل بظاهر باب زويلة عند باب دار التفاح، مكث يومين بلياليهما. فاحترقت دار التفاح، والرباع التى حوله، ووصلت النار إلى البراذعيين وعند الموازنيين، فاحترق نحو خمسمائة دار، ولولا سور القاهرة لاحترق نصف المدينة.

ولما صار الأمر لبرقوق تصرف فى الأمور برأيه، فأوقع بكثير من الأمراء، وسجن من سجن، ونفى من نفى، فقام عليه باقى الأمراء، وقاتلوه مرارا، وملكوا القلعة، فحاصرهم حتى أخلاها منهم، وقتل منهم عددا وافرا، وتمكن من باقيهم، وسجنهم بالإسكندرية.

وفى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، هجمت العرب على دمنهور والبحيرة ونهبوها، ونهبوا كثيرا من قرى البحيرة، فتوجهت إليهم جملة من العساكر، فقاتلوهم وانتصر العسكر عليهم، وقتلوا منهم جملة، وأسروا نساءهم وأطفالهم، وأتوا بهم إلى القاهرة، ودخلوها فى موكب هائل، وباعوهم بها بيع الأرقاء.

وفى خلال تلك الحوادث، حصل وباء عظيم، مات فيه السلطان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، ومدته خمس سنين وأشهر.

وكانت نفس برقوق مائلة إلى الجلوس على تخت السلطنة - ككل من تولى الأتابكية - لكنه خاف من الأمراء، فأجلس على التخت السلطان زين الدين حاجى، أخا الأشرف سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، ولقبه بالملك الصالح.

***

[جلوس السلطان زين الدين حاجى]

ولما تولى الملك الصالح حاجى كان عمره إحدى عشرة سنة، فلم يكن له من السلطنة سوى الاسم، وكان الكلام كله لبرقوق، وكانت المملكة فى غاية الاضطراب، لأن كل واحد من الأمراء كان يريد الرياسة، فكانوا يوقدون نيران الفتن، وكذلك العرب كانت تعربد فى البلاد.