وكذلك تقرير الوظائف كان بالمحلول، وله شهريات على باقى المحاكم الخارجية كالصالحية، وباب سعادة، وباب الخرق، وباب الشعرية، وباب زويلة، وباب الفتوح، وطولون، وقناطر السباع، وبولاق، ومصر القديمة ونحو ذلك، وله معلوم الإمضاء وهو خمسة أنصاف فضة، فإذا احتاج الناس فى قضاياهم ومواريثهم أحضروا شاهدا من المحكمة القريبة منهم، فيقضى فيها ويعطونه أجرته، وهو يكتب التوثيق، ويجمع الأوراق، ويمضيها من القاضى كل جمعة أو شهر، ويدفع له معلوم الإمضاء لا غير.
وأما قضايا العلماء والأمراء فبالمسامحة والإكرام؛ لأن الفقهاء كانوا يصدعون بالحق ولا يداهنون، فكان القضاة يخشونهم.
[(ما ابتدعه القضاة فيما بعد)]
فلما تغيرت الأحوال ابتدعوا بدعا شتى، منها: إبطال نواب المحاكم، وإبطال القضاة الثلاثة خلاف مذهب الحنفى، فلا تكون الدعاوى إلا بين يديه ويدى نائبه، وبعد انفصال الدعوى يأمرهم بالذهاب الى كتخدائه لدفع المحصول، فيطلب منهم المقادير الخارجة عن القانون غير الرشوات والمصالحات السرية والتقريرات والقسمة، وإذا دعى بعض الشهود لقضية فلا يذهب إلا بإذنه، بل يصحبه ببعض أتباعه ليقسم معه المحصول، ولا يرضى ذلك التابع بالقليل كما كان أولا، وإذا مات إنسان ضبطوا تركته وأخرجوا منها القسم للقاضى، ثم معلوم الكاتب والجوخدار (الوكيل) والرسول، ثم التجهيز والتكفين والمصروف والديون، وما بقى بعد كل ذلك يقسم بين الورثة، ويتفق أن الورثة - ولو أيتاما - لا يبقى لهم شئ.
ويأخذ من أرباب الديون عشر ديونهم، ويأخذ من محاليل وظائف التقارير معلوم سنتين أو ثلاثة، ثم فحصوا عن وظائف القبانية والموازين، وتعللوا عليهم بعدم صلاحية المقرر وإنه ليس أهلا لذلك، فجمع من هذا مال عظيم، ثم