للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت من أجلّ منتزهات مصر، وتأنق فى بنائها وسماها الكبش فعرفت بذلك إلى اليوم، وما زالت بعد الملك الصالح من المنازل الملوكية.

[ترجمة الحاكم بأمر الله]

وبها نزل الخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسى بن أبى على الحسن بن أبى بكر من ذرية الخليفة الراشد بالله أبى جعفر منصور بن المسترشد بعدما أقام مدة فى برج من أبراج القلعة، وفى مدة إقامته بالقلعة بقى نحو سبع وعشرين سنة ممنوعا من الاجتماع على الناس بقيت أيام الظاهر بيبرس وأيام ولديه بركة وسلامش وأيام قلاوون، فلما صارت السلطنة إلى الأشرف خليل بن قلاوون أخرجه من سجنه يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة تسعين وستمائة، وبعد مدة منع من الاجتماع بالناس، فامتنع حتى أفرج عنه المنصور لاجين فى سنة ست وتسعين وستمائة. وأسكنه بمناظر الكبش، وأنعم عليه بكسوة له ولعياله وأجرى عليه ما يقوم به، وبقى كذلك إلى أن توفى ليلة الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة، فكانت مدة خلافته أربعين سنة ليس له فيها أمر ولا نهى.

[ترجمة المستكفى بالله أبى الربيع سليمان]

وسكن بمناظر الكبش أيضا الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان فى أول خلافته، وشهد وقعة شقحب مع الملك الناصر محمد بن قلاوون. وعليه سواده، وقد أرخى له عذبة طويلة، وتقلد سيفا عربيا محلى، ثم تنكر عليه، وسجنه فى برج بالقلعة نحو خمسة أشهر، وأفرج عنه، وأنزله إلى دار قريب من المشهد النفيسى بتربة شجرة الدر، فأقام نحو ستة أشهر، وأخرجه إلى قوص فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وقطع راتبه، وأجرى له بقوص ما يتقوت به، فمات بها فى خامس شعبان سنة أربعين وسبعمائة.

واستمرت الخلفاء تسكن هذه الدار بقرب المشهد النفيسى، وقال المقريزى: إن مرتب الخلفاء كان على مكس الصباغة، وكان لا يكفى على القيام بأودهم.

وفى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة استقرّ الخليفة أبو الفتح بن أبى الربيع سليمان فى نظر مشهد السيدة نفيسة ليستعين بما يرد إلى ضريحها من نذر العامة، فحسنت حاله بما يبيعه من الشمع المحمول إلى المشهد.

وأول من اتسعت أحواله، وصار له إقطاعات الخليفة المتوكل على الله، فإن السلطان الظاهر برقوق استدعاه من محبسه. وأعاده إلى الخلافة. وخلع عليه فى يوم الأربعاء أول جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وبالغ فى تعظيمه وأنعم عليه. فلم يزل فى خلافته حتى توفى ليلة الثلاثاء الثامن والعشرين من رجب سنة ثمان وثمانمائة.