وكانت مدة ولايته فى كتابة السر بمصر نحو عشرين سنة، وكان آخر أعيان الرؤساء من المباشرين فى الديار المصرية ورثاه ابن اياس بهذه الأبيات:
صارت مرامله كمثل أرامل … تبكى بأعينها دما وتترب
وكذا الدواة تسودت أقلامها … حزنا عليه وأقسمت لا تكتب
وفى سادس عشر رمضان خلع السلطان على ابنه القاضى بدر الدين أبى بكر بن مزهر واستقر به كاتب السر بالديار المصرية عوضا عن أبيه، فنزل من القلعة فى موكب عظيم والقضاة قدامه وأعيان الناس .. انظر ابن اياس.
[جامع المزهرية]
هو بالحسينية على يمنة السالك من باب الفتوح إلى شارع البغالة، تجاه حارة البزازرة شعائره مقامة وبه خطبة وله منارة.
[ترجمة محمد بن أبى بكر بن مزهر]
وهذا الجامع - كما فى الضوء اللامع للسخاوى - كان أول أمره مدرسة بناها الأمير محمد بن أبى بكر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الخالق بن عثمان البدر ابن الزين بن البدر الأنصارى الدمشقى الأصل القاهرى الشافعى، ويعرف كسلفه بابن مزهر. ولد فى رمضان سنة ستين وثمانمائة وأمه رومية اسمها شكر باى، ونشأ فى كنفهما فى أوفر عز ورفاهية بحيث كان لختانه وليمة هائلة. وقال فيه شيخ الشعراء الشهاب الحجازى وغيره.
وأكمل حفظ القرآن ثم صلى به بمقام الحنفية من المسجد الحرام فى سنة إحدى وسبعين يعنى وثمانمائة لما حج به والده فى الرجبية بملاحظة فقيهه الشمس بن قاسم، وتفقه فقرأ المنهاج وجمع الجوامع وغيرهما وعرض على جماعة كثيرين، وأخذ عن فقيهه ابن قاسم والجمال الكورانى، وكذا عن الكمال بن أبى شريف وأخيه والنجم ابن عرب والزين زكريا فى آخرين وتميز بذكائه، وولى نظر الخاص بعد التاج بن المقسى فباشرها مدة تكلف أبوه بسببها كثيرا، ثم الحسبة بعد يشبك الجمالى عدة، وناب عن والده فى كتابة السر بالديار المصرية، ثم استقل بها بعد موته وحمدت إذ ذاك مباشرته وذكرت كفاءته وتودده وأدبه ولطفه وإقباله على الفضلاء والطلبة مع حسن شمائله ورقة طباعه، كل ذلك مع اشتغال فكره بالقيام/بما كلف به مما يفوق الوصف،