يوم خميس، وبها كنيسة فى جهتها البحرية مشيدة عامرة، ومن عادة أهل تلك البلدة أن يعملوا كل سنة مولدا يعرف بمولد الشيخ بخيت، وهو ليلة يجتمع فيها خلق كثيرون، ويكون فيها البيع والشراء والمسابقة بالخيل من العصر إلى الغروب، ثم فى الصبح إلى الزوال.
وفى الليل يشتغلون بالأذكار، وضرب الطبول والكؤسات مع الإنشاد والغناء، فيكونون حلقا حلقا، ويهيئ أهل البلد طعاما كثيرا من اللحم وغيره للعشاء والغداء، ويكون مجمعهم بعد العشاء بجوار مقام الشيخ بخيت، فيستمرون كذلك إلى آخر الليل، وفى جهتها القبلية تل يعرف بالكوم الأحمر به مقابر موتاهم، وفى وسطه بستان نخيل، وفى وسط البستان قطعة أرض ذات رمل أبيض لا نبات فيها يقال لها البربى، يعتقد أهل البلد وما جاورها من البلدان سيما النساء، أنه إذا اضطجع فيها مريض من الأطفال فاستغرق فى النوم كان ذلك دليلا على أنه يشفى من مرضه، وإن لم يستغرق فقل أن ينجو من هذا المرض، وأنه مجرب عندهم صحيح، فلذا تهرع إليها النساء بالأطفال المرضى لأجل ذلك.
[ترجمة الشيخ أحمد القوصاوى المالكى]
وإلى هذه البلدة ينسب الشيخ أحمد بن عبد الله القوصاوى المالكى، ولد بها سنة خمس وتسعين بعد المائة والألف، وقرأ بها القرآن، وجاور بالأزهر سنة خمس عشرة بعد المائتين، وتصدر للتدريس سنة إحدى وثلاثين، وفى سنة سبع وخمسين تولى مشيخة رواق الصعايدة بالأزهر، وقد قرأ كبار الكتب كالمطول وجمع الجوامع.
وتوفى رحمه الله تعالى فى سنة ست وستين، وكان عالما حليما ذا تؤدة شريف النفس عفيفا أمينا على الأحكام، عاش أغلب عمره فى ضيق عيش، حكى عن نفسه أنه كان فى مبدأ أمره إذا اشتد به الجوع يلتقط قشر البطيخ من خارج الأزهر ويغسله ويسد به رمقه.