للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالاختصار نقول: إن الشركة لما ربحت دعواها، وحكم لها بالمبلغ الذى حكم به نابليون على الحكومة المصرية، أخذت فى تدبير إتمام أعمال البرزخ، وقويت همتها، واتسعت دائرة أعمالها؛ لأنها عند وقوع النزاع كانت لم توقف العمل بالمرة، غير أنه كان بطئ الحركة، وكان أغلب العملة الموجودة فى البرزخ من الروم والصقالبة والأفلاقيين، فلما زال النزاع الواقع بينها وبين الحكومة، وعلم الناس بصدور الفرمان السلطانى، وتحقق وجود النقود اللازمة لإتمام العمل، هرعت العملة والشغالة إلى البرزخ أفواجا أفواجا من كافة الملل، وخصوصا المصريين، فبلغ عدد الموجود به من الشغالة فى زمن يسير خمسة عشر ألف نفس، وزعتهم الشركة فى محلات العمل، وأكثرهم كان فى جزء الخليج الواقع بين بحيرة التمساح والسويس. ولأجل أن يتحقق للشركة إتمام العمل فى الزمن المعين لإتمامه وأن تكون على ثقة من ذلك، أعطت ما بقى من أعمال ترعة البرزخ من حفر وتعميق وأعمال صناعية وغير ذلك إلى مقاولين، تأكد عندها ثقتها بهم، على شروط عقدت بينها وبينهم، فأعطت إلى «موسيو كوفورو (١)» قسما يحفره فى المحل المعروف «بالقرش» فى جهته البحرية، طوله خمسة عشر ألف متر، ومقدار ما يلزم حفره فى هذا القسم تسعة ملايين مترا مكعبا.

وأعطت باقى ما يحفر بالكراكات وغيرها إلى اثنين من المقاولين:

أحدهما «بوريل لا واليه» الفرنساوى. والثانى: «ويليام» الإنكليزى.

[[المقاول الإنجليزى لا يقوم بالأعمال التى تعهد بها]]

وفى سنة ١٨٦٥ لم يقم وليام المذكور بما تعهد به، فأقيل! وأحيل ما كان تعهد به من الحفر على «بوريل لا واليه»، وأحيلت الأعمال الصناعية - وهى مولصا ليمان بورت سعيد - على عهدة «دسوبيك» وإخوته. ومن ذاك الوقت صار


(١) فى الأصل: كوفرو. والصحيح ما أثبتناه. وقد صححت فى الأصل بعد ذلك، انظر ما يلى ص ٢٣٤.