للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دنانير ويصرف على بنائها فبنيت من وجه حل اه. وقد انقطعت منها دروس الحديث وغيره وصارت كغيرها من الجوامع للصلاة والخطبة.

[ترجمة الملك الكامل]

قال المقريزى: الملك الكامل هو ناصر الدين أبو المعالى محمد بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم الدين أيوب بن شاذى بن مروان الكردى الأيوبى خامس ملوك بنى أيوب الأكراد بديار مصر. ولد لخمس وعشرين من ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة وخلف أباه الملك العادل على بلاد الشرق؛ فلما استولى على مملكة مصر قدم الملك الكامل إلى القاهرة سنة ست وتسعين وخمسمائة، ونصبه أبوه نائبا عنه بديار مصر وأقطعه الشرقية وجعله ولى عهده وأسكنه قلعة الجبل.

فلما مات الملك العادل ببلاد الشام استقل هو بمملكة مصر فى جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة وهو على محاربة الفرنج بالمنزلة العادلية قريبا من دمياط، ولما فرغ من حرب الفرنج سار إلى بلاد الشام فملك فيها بلادا ثم عاد إلى مصر وحفر بحر النيل فيما بين المقياس وبر مصر، وعمل فيه بنفسه واستعمل فيه الملوك من أهله والأمراء والجند، وتردد مرارا بين مصر والشام ووقعت معه حروب شديدة ثم نزل به زكام وهو بدمشق فدخل فى ابتدائه الحمام فاندفعت المواد إلى معدته فتورم وثارت فيه حمى، فنهاه الأطباء عن القئ فلم يصبر وتقيأ فمات لوقته آخر نهار الأربعاء الحادى والعشرين من رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة عن ستين سنة منها ملكه أرض مصر نحو أربعين سنة استبد فيها بعد موت أبيه عشرين سنة وخمسة وأربعين يوما.

وكان يحب العلم وأهله ويؤثر مجالستهم وشغف بسماع الحديث النبوى وحدّث، /وكان يناظر العلماء بمسائل غريبة فمن أجاب عنها حظى عنده، وكان يبيت عنده بقلعة الجبل عدة من أهل العلم على أسرة بجانب سريره ليسامروه، وكان يطلق الأرزاق الدارة لمن يقصده لهذا.

وكان مهيبا حازما سديد الرأى حسن التدبير عفيفا عن الدماء، وكان يباشر أمور مملكته بنفسه من غير اعتماد على وزير ولا غيره، وإذا ابتدأت زيادة النيل خرج وكشف الجسور ورتب الأمراء لعملها، ثم يتفقدها بنفسه فعمرت أرض مصر فى أيامه عمارة جيدة، وكان يخرج من زكوات الأموال التى تجبى من الناس سهمى الفقراء والمساكين