وقلد إمارة الحج لمملوكه على بيك الكبير، وطلع بالحج ورجع سنة سبع وستين ومائة وألف.
وفى تلك السنة نزل على الحج سيل عظيم بمنزلة ظهر حمار، فأخذ معظم الحج بجمالهم وأحمالهم إلى البحر.
قال الجبرتى: وليس للمترجم مآثر أخروية ولا أفعال خيرية يدخرها فى ميعاده، ويخفف عنه بها ظلم خلقه وعباده، بل كان معظم اجتهاده الحرص على الرياسة والإمارة. وعمر داره التى بخط قوصون بجوار دار رضوان كتخدا والدار التى بباب الخرق، وهى دار زوجته بنت البارودى، والقصر المنسوب إليها أيضا بمصر القديمة، والقصر الذى عند سبيل قيماز بالعادلية، وزوّج الكثير من مماليكه نساء الأمراء الذين ماتوا، وأسكنهم فى بيوتهم، وعمل وليمة لمصطفى باشا وعزمه فى بيته بحارة قوصون فى سنة ست وستين ومائة وألف، وقدّم له تقادم وهدايا، وأدرك المترجم من العز والعظمة ونفاذ الكلمة وحسن السياسة واستقرار الأمور ما لم يدركه غيره بمصر، ولم يزل فى سيادته حتى مات على فراشه فى شهر صفر سنة ثمان وستين ومائة وألف. (انتهى).
[ترجمة أحمد أغا البارودى]
ثم سكن داره مملوكه أحمد أغا البارودى، وهو-كما فى الجبرتى أيضا-الجناب المكرم الأمير أحمد أغا البارودى مملوك إبراهيم كتخدا القازدغلى. تزوج بابنته التى من بنت البارودى وسكن معها فى بيتهم المشهور، وولد له منها أولاد ذكور وأناث، منهم إبراهيم جلبى وعلى ومصطفى. تقلد المترجم فى أيام على بيك مناصب جليلة مثل أغاوية المتفرقة، وكتخدا الجاوشية وكان إنسانا حسنا صافى الباطن لا يميل طبعه لسوى فعل الخير، يحب أهل العلم وممارستهم، ولم يزل على حسن حالته حتى توفى فى سابع جمادى الأولى من سنة ثمان وثمانين ومائة وألف.
وكان له فى منزله خلوة ينفرد فيها بنفسه ويخلع ثياب الأبهة ويلبس كساء من صوف أحمر على بدنه، ويأخذ بيده مسبحة كبيرة يذكر ربه عليها.
[ترجمة محمد أغا البارودى]
ثم تزوج بزوجته مملوكه محمد أغا البارودى. قال الجبرتى: رباه سيده أحمد أغا، وجعله خازن داره، وعقد له على ابنته، فلما توفى سيده فى سنة ثمان وثمانين طلقها وتزوج