وقد ترجمه الجبرتى فى تاريخه، فقال: هو العالم الفاضل المحقق الشيخ محمد بن إسماعيل بن خضر النفراوى المالكى. كان والده من أهل العلم والصلاح، عمّر كثيرا حتى جاوز المائة، وانحنى ظهره. وتوفي سنة ثمان وسبعين ومائة وألف. تربى المترجم فى حجر أبيه، وحفظ القرآن، والمتون، وحضر دروس الشيخ سالم النفراوى، والشيخ خليل المالكى، وغيرهما، وحضر المعقول على كثير من الفضلاء، وأنجب ودرس. وكان جيد الحافظة، قوى الفهم، مستحضرا للمسائل الفقّهية والعقلية. ولما بلغ المنتهى فى العلوم المشهورة، مالت نفسه للعلوم الحكمية والرياضية، فأحضره والده للشيخ الجبرتى الكبير، والد المؤرخ، والتمس منه مطالعته عليه، فأجابه إلى ذلك، ورحب به وكان عمره إذ ذاك نيفا وعشرين سنة، فلازم الشيخ ليلا ونهارا؛ حتى اشتهر بنسبته إليه، وتلقى عنه فن الميقات والهيئة والهندسة، والهداية فى الحكمة. وشرحها لقاضى زاده، والجغميني والمبادئ، والغايات والمقاصد فى أقل زمن مع التحقيق والتدقيق، وحضر عليه المطول والمواقف والزيلعى فى فقه الحنفية، وغير ذلك، برواق الجبرت بالأزهر، وتلقى عنه علم الأوفاق أيضا، وأجازه العلامة الملوى والجوهرى والشمس الحفنى، والقطب العفيفى وغيرهم. وكان خطه جيدا حسنا، وكتب كتبا كثيرة، وألف حاشية على شرح العصام على السمرقندية، وأجوبة على الأسئلة الخمسة، التى أوردها الشيخ أحمد الدمنهورى، على علماء العصر، وأعطاها لعلى بيك، وقال: أعطها للعلماء الذين يترددون عليك؛ ليجيبوا عنها، إذا كانوا يزعمون أنهم علماء.
فأخذها على بيك، وأعطاها للشيخ الجبرتى الكبير، وأخبره بمقاله الشيخ الدمنهورى، وكان إذ ذاك شيخا على الجامع الأزهر، فقال له الشيخ الجبرتى: