هذا الجامع خارج باب زويلة بناه الصالح طلائع بن رزيك المنعوت بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين وزير الخليفة الفائز بنصر الله الفاطمى.
وسبب بنائه أنه لما خيف على مشهد الإمام الحسين ﵁ إذ كان بعسقلان من هجمة الفرنج وعزم على نقله بنى هذا الجامع ليدفنه به فلما فرغ منه لم يمكنه الخليفة من ذلك، وقال: لا يكون إلا داخل القصور الزاهرة. وبنى المشهد الموجود الآن ودفن به، وتم بناء الجامع المذكور وبنى به صهريجا عظيما وجعل ساقية على الخليج قريب باب الخرق تملأ الصهريج المذكور/أيام النيل.
وبقى هذا الجامع معطلا عن إقامة الجمعة إلى أيام المعز أيبك التركمانى أول ملوك الدولة البحرية فأقيمت به الجمعة، وذلك فى سنة بضع وخمسين وستمائة بحضور رسول بغداد الشيخ نجم الدين عبد الله البادرائى.
ثم لما حدثت الزلزلة سنة اثنتين وسبعمائة تهدم فعمر على يد الأمير سيف الدين بكتمر الجوكندار الناصرى.
[ترجمة طلائع]
والصالح طلائع المذكور مات مقتولا وقف له رجال بدهليز القصر وضربوه حتى سقط على الأرض على وجهه، وحمل جريحا لا يعى إلى داره فمات يوم الاثنين تاسع عشر شهر رمضان سنة ست وخمسين وخمسمائة.
وكان الصالح شجاعا كريما جيد الشعر محافظا على الصلوات فرائضها ونوافلها، شديد المغالاة فى التشيع. صنف كتابا سماه الاعتماد فى الرد على أهل العناد جمع له الفقهاء وناظرهم عليه، وهو يتضمن إمامة على بن أبى طالب ﵁ والكلام على الأحاديث الواردة فى ذلك وله شعر كثير فى كل فن؛ فمنه فى اعتقاده:
يا أمة سلكت ضلالا بينا … حتى استوى إقرارها وجحودها
ملتم إلى أن المعاصى لم يكن … إلا بتقدير الإله وجودها
لو صح ذا كان الإله بزعمكم … منع الشريعة أن تقام حدودها
حاشا وكلا أن يكون إلهنا … ينهى عن الفحشاء ثم يريدها